سعيد محمد أحمد : هل أصبحت سوريا ولاية تركية ؟!!!
قد يكون طرح السؤال غريبا، وربما مستفزا ويحمل الكثير من دواعى الخوف والقلق وعدم فهم ماجرى ويجرى من أحداث سريعة ومتلاحقة فى سوريا يصعب هضمها، وبرغم صعوبة السؤال والأسئلةالمرتبطة به إلا أنها أسئلة مشروعة ترواد الملايين من السوريين مع الجار التاريخى"تركيا" الذى فقد ثقه الشارع السورى استنادًا للتجارب المريرة معه.
وبرغم ذلك تعيش سوريا بمن فيها ومن عليها مخاضًا عسيرا وشاقًا وربما معقدا، رغم حالة الارتياح الكبيرة التى عمت سوريا الا أنه ارتياحا ممزوجا بالقلق والكثير من الهواجس، والمخاوف الشعبية من انعدام الثقة سواء السلطة العسكرية الحاكمة بتوجهها الدينى او من خلال مواقف تركيا المتقلبة تجاه سوريا مع معظم أنظمة الحكم التركية، وخاصة حكومة اردوغان ذات التوجه الاسلامى، وتدخلها فى بناء الهيكل الجديد لمؤسسات الدولة السورية المدمرة .
ويرى الكثير من المراقبين ان البعض من دول المنطقة ينظرون الى سوريا اليوم وكأنها ولاية تركية تتمدد وتتوسع فيها أنقرة كيفما شاءت، بدعمها للمعارضة المسلحة لهيئة تحرير الشام " جبهة النصرة " تنظيم "القاعدة سابقا " مع العديد من التنظيمات الارهابية ذات المسميات المتعددة فى الاستيلاء على معظم المدن السورية وصولا للعاصمة دمشق وفرار الطاغية بشار الاسد .
تركيا هى الفائز بنصيب الاسد من جملة القوى المتصارعة على الارض السورية
فيما تؤكد كل المؤشرات ان تركيا هى الفائز بنصيب الاسد من جملة القوى المتصارعة على الارض السورية على مدى ١٤ عاما ، بل والمستفيد الوحيد بإعلان استعدادها لوضع الترتيبات لأنشاء مؤسسات عسكرية وأمنية فى سوريا وبخبرات تركية, حيث سيعقبها زيارة اردوغان الى دمشق مع مطلع شهر يناير والصلاه فى الجامع الاموى، لتصبح دمشق فى قبضة أنقره قبل وصول الرئيس الامريكى ترامب الى السلطة فى منتصف يناير المقبل .
وتستند مخاوف السوريين من أن يساقوا تجاه مصير يظل غامضًا ومجهولا من استمرار انتهاك سيادتها من قبل محيطها الاقليمى المجاور" إسرائيل وتركيا" وعدم قدرتها الدفاع عن نفسها، وبما يفرض على حكومة هيئة تحرير الشام الانتقالية ان تلتزم بمصداقية تعهداتها، وفقا على حد قول رئيس الائتلاف الوطنى لقوى المعارضة السورية "هادى البحره" بعدم الأبعاد أو الاقصاء أو الانتقام من اى مكون فى الداخل السورى، محذرا من الاعتماد على الطائفية والمذهبية، والسيطرة على عدد من التنظيمات المسلحة فى بعض المناطق الى تمارس سلطاتها الدينية فى العديد من المنشآت والمرافق العامة والمصالح الحكومية والجامعات والمدارس وتحويلها لمساجد لاداء الصلاة فى الوقت الذى تضم فيه سوريا ما يذيد على ٣٠٠ الف مسجد .
مستقبل” الحوار الوطنى “ فى سوريا مجرد تسريبات صحفية واعلامية
فيما ظل الحديث عن مستقبل” الحوار الوطنى “ فى سوريا مجرد تسريبات صحفية واعلامية لا ترقى الى رغبة السلطة الحاكمة فى سوريا دون ان يعلم أحدًا من وراءها والهدف من اعلانها فى ذلك التوقيت الذى ازداد فيه الحراك الشعبى المطالبة بدوله علمانية مدنية تحتوى كل التيارات والطوائف والمذاهب دون إقصاء او تنمر وعدم القبول بدولة دينية بذات ممارسات جماعة الاخوان فى سوريا .
ويبقى السؤال وماذا عن أصحاب الديانات والمذاهب الاخرى من الصابئة واللاديني وحقوق المسحيين والدروز والارمن؟ .. وهو ما يشكل ارهاب دينى ومؤشر على سوريا فى نفق مظلم لا رجعه عنه.
مهمة الدولة لاعلاقة لها لا بالجنة أو النار، بل مهمتها الاولى توفير كافة الخدمات
و المؤكد أن مهمة الدولة لاعلاقة لها لا بالجنة أو النار، بل مهمتها الاولى توفير كافة الخدمات مهما كانت ديانتك او معتقدك او قوميتك ،فى اطار منظومة أمنية تتوافر لديها العدالة فى توزيع تلك الخدمات، وليس مهمتها البحث عن تطبيق العبادات والتى تخص كل انسان مسؤول عن علاقته بالخالق دون وصاية او تكليف من احد .
ويبقى السؤال الحائر فى اذهان الملايين ماذا عن مستقبل سوريا فى ظل حكم اخوان سوريا وبعض التنظيمات المسلحة المتطرفة الحاكمة دينيا وبمزاعم وسطية الإسلام ؟
فى سوريا حاليا أكثر من ١٠٠ ألف مقاتل مسلح يحلمون ويحملون العديد من الجنسيات الاجنبية
والمؤكد ان معظم الممارسات كشفت بإن عملية الفكاك من تلك التنظيمات المسلحة المتعددة المشارب الدينية والاهداف والمصالح ومدى سيطرة هيئة تحرير الشام جبهة النصرة وزعيمها احمد الشرع الجولانى، على تلك التنظيمات المسلحة ، والتى ربما قد تكون مستحيلة ، وأن محاولة الانقلاب شعبيًا عليها من رابع المستحيلات لاعتبارات عديدة أهمها.
انه يوجد فى سوريا حاليا أكثر من ١٠٠ ألف مقاتل مسلح يحلمون ويحملون العديد من الجنسيات الاجنبية وربما ذات توجهات دينية اكثر تشددا، وربما يصعب السيطرة عليها أيضا لتتحول الى احتراب مسلح فى ظل غياب جيش انسحب تماما من ارض المعارك بالاضافة الى قيام رئاسة العمليات العسكرية ،بالتجهيز لجيش يضم الاجانبوكافة عناصر التنظيمات المسلحة وفق خبرات وتسليح تركى .
"جبهة النصرة " المسيطرة على ادارة الدولة برئاسة احمد الشرع الجولانى تتمتع بالحماية من تركيا
أيضا ان "جبهة النصرة " المسيطرة على ادارة الدولة برئاسة احمد الشرع الجولانى تتمتع بالحماية من تركيا اقوى دولة فى الجوار وعضو فى الناتو ،وتوفر له كافه اوجه الدعم اللوجستي، بحكم الجغرافيا والحدود المشتركة مع سوريا والتى يبلغ طولها ٩٥٠ كم، بخلاف القواعد العسكرية التركية فى الداخل السورى بمزاعم حماية مصالحها واطماعها التاريخية،بضرب قوات سوريا الديمقراطية " قسد" ، كما انها لن تسمح بانقلاب على السلطة الحاكمة فى سوريا، بوصفه أمرا مستحيلًا "كالفول والعنقاء والخل الوفى" ، لتذهب السكرة وتاتى الفكرة.
الوفد الامريكى رفض مقابلة الجولاني فى قصر الشعب الرئاسي او التصوير معه حتى لا يكسبه الشرعية
ومما يثير الشكوك الدولية والاقليمية وربما العربية حول دعوات احمد الشرع الجولاني، انها تراها فى اطار التمنيات ولا يوجد لها افعالا على ارض الواقع ولم ترقى حتى للقبول بها، وهو ما اكده تصرف الادارة الامريكية مع احمد الشرع الجولاني، برفض الوفد الامريكى مقابلته فى قصر الشعب الرئاسي او التصوير معه حتى لا يكسبه الشرعية ولا يكون هناك اعتراف امريكى بحكمه لسوريا،،حيث جرى خلال اللقاء رفض بعض مطالب احمد الشرع وبدراسة بعضها، علما بان الادارة الامريكية لم ترفع اسم الجولانى من قوائم الارهاب، ولكنها رفعت الجائزة المرصودة لمن يدلى بمعلومات عنه،
ويبقى السؤال هل يعتبر اللقاء انتهاء للقطيعة بين الولايات المتحدة وسوريا بعد انقطاع دام ١٤ عاما ؟