سوريا تدخل مرحلة جديد من الصراع و المجهول ... مخاوف من الأنزلاق الي الفوضي

أحدأُث كبرى تقع علي الأراضي السورية بدأت في أواخر عام 2024، حيث أدت هجمات مكثفة شنتها فصائل معارضة إلى سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل حكومة انتقالية جديدة. هذا التغيير الجذري في موازين القوى أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين قوات الحكومة الانتقالية ومجموعات موالية للنظام السابق، خصوصًا في المناطق ذات الأغلبية العلوية على الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) وأجزاء من ريفي حماة وحمص.
مجازر وانتقام.. دماء الأبرياء في الشوارع
أدت حالة الفراغ الأمني إلى تصاعد العنف الطائفي والانتقامي، حيث تعرض المدنيون في المناطق الغربية لمجازر وعمليات قتل جماعي. وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع 57 جريمة قتل في مناطق الساحل وحمص وحماة منذ ديسمبر 2024، مما أسفر عن مقتل 108 أشخاص. كما كشفت تقارير حقوقية عن تصاعد عمليات الإعدام الميداني وترك جثث الضحايا في الشوارع، بالإضافة إلى حرق المنازل ونهب الممتلكات.
هجوم في ريف حمص
في يناير 2025، هاجمت مجموعة مسلحة قرية تسنين في ريف حمص، حيث أحرقت سبعة منازل وقتلت ستة مدنيين، بينما شهدت قرية عرزة في ريف حمص الغربي إعدامات ميدانية لعشرة مدنيين باستخدام كواتم صوت. هذه الجرائم الدموية جاءت كردود فعل انتقامية ضد أفراد من الطائفة العلوية والعاملين في مؤسسات النظام السابق حيث تم معاقبتهم بعيدا عن القانون .
تجدد الصراعات في الشمال والجنوب
رغم سقوط النظام، لم تهدأ جبهات القتال في شمال شرقي سوريا، حيث تستمر الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والعشائر العربية المحلية وسط احتجاجات ضد الإدارة الكردية. كذلك، كثّفت تركيا والفصائل السورية المدعومة منها هجماتها على الشريط الحدودي الشمالي.
كمائن تنظيم داعش في الجنوب السوري
في الجنوب السوري، لا تزال بقايا تنظيم داعش تنفذ كمائن وهجمات خاطفة ضد القوات المحلية، فيما يستمر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في تنفيذ عمليات نوعية لتعقب خلايا التنظيم.
عائلات علوية تلجأ الي قاعدة حميم الروسية طلبا للحماية
خلفت الحرب السورية المستمرة منذ عام 2011 أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد القتلى تجاوز 600 ألف شخص، فضلًا عن مئات الآلاف من المصابين والمفقودين. كما تسببت النزاعات الأخيرة بموجات نزوح جديدة، حيث فرّ المدنيون من ريفي حمص وحماة باتجاه مدن الساحل السوري، بينما لجأت بعض العائلات العلوية إلى قاعدة حميميم الروسية طلبًا للحماية.
انهيار البنية التحتية وتفاقم الأزمات المعيشية
المعروف ان سوريا تعانيمن دمار واسع في شبكات المياه والكهرباء والمرافق الصحية والتعليمية. خدمات المياه أصبحت شحيحة بسبب تضرر محطات الضخ، بينما وصلت ساعات انقطاع الكهرباء في بعض المناطق إلى 20 ساعة يوميًا. أما القطاع الصحي، فقد انهارت منظومته بالكامل تقريبًا، حيث لم يعد سوى 64% من المستشفيات و52% فقط من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل حاليًا، وسط هجرة جماعية للكوادر الطبية.
الاقتصاد المنهار.. ليرة لا تساوي شيئًا
شهد الاقتصاد السوري انهيارًا مدويًا بسبب الحرب والعقوبات الغربية، حيث تدهورت قيمة الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، إذ بلغ سعر الصرف في السوق السوداء 15,000 ليرة للدولار الواحد في خريف 2024. تسبب هذا الانهيار في تضخم هائل، حيث بات 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
الوضع الأقتصادي في سوريا
ورغم إعلان الحكومة الانتقالية عن خطط لزيادة الرواتب وإعادة تشغيل المصانع، فإن الاقتصاد لا يزال يواجه تحديات كبيرة، مع نقص المواد الأساسية واضطراب سلاسل التوريد. كما بقيت العقوبات الدولية المفروضة على سوريا عاملًا رئيسيًا في عرقلة أي محاولات للانتعاش الاقتصادي.
مخاوف من تركيز السلطة في أيدي فصائل مسلحة معينة
عقب انهيار نظام بشار الأسد تشكلت في دمشق حكومة انتقالية بقيادة تحالف فصائل معارضة، حيث تم الإعلان عن حل دستور 2012 وحل مجلس الشعب والجيش النظامي السابق. ورغم وعود الحكومة الانتقالية بإشراك جميع الأطياف السورية، إلا أن البعض يتخوف من أن تتركز السلطة في يد فصائل مسلحة معينة دون ضمانات حقيقية لحماية الأقليات وحقوق الإنسان.
المجتمع الدولي.. بين الترحيب والحذر
رحبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتغيير النظام، معتبرين ذلك فرصة لإنهاء معاناة السوريين، إلا أنهم اشترطوا تقديم الدعم الاقتصادي والاعتراف الدبلوماسي مقابل تنفيذ إصلاحات سياسية وضمانات لعدم تحول سوريا إلى ملاذ للإرهاب.
في المقابل، تبنت روسيا موقفًا حذرًا، حيث دعت إلى التهدئة ومنع أي أعمال انتقامية، بينما حاولت إيران الحفاظ على نفوذها الأمني والاقتصادي في سوريا من خلال دعم بعض الفصائل المحلية. أما إسرائيل، فقد أعربت عن قلقها من الفراغ الأمني، واستمرت في تنفيذ ضربات جوية تستهدف مواقع عسكرية داخل سوريا.
سوريا أمام مفترق طرق
تمر سوريا اليوم بمرحلة حساسة، حيث يترقب المجتمع الدولي ما إذا كانت الحكومة الانتقالية ستتمكن من تحقيق الاستقرار وفتح صفحة جديدة أم أن البلاد ستنزلق مجددًا نحو الفوضى والانتقام. لا تزال التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية ضخمة، وسيكون للشهور القادمة دور حاسم في تحديد مصير سوريا ومستقبل شعبها.