الأسباب الحقيقية وراء استقالات قيادات الجيش الإسرائيلي تكشف معارضة الخطة القسرية لتهجير الفلسطينيين ومواجهة الجيش المصري

في خضم التوترات الداخلية والخارجية التي تعصف بالكيان الإسرائيلي، خرجت استقالات جماعية شملت وزير الدفاع السابق يوآف جالانت، ورئيس أركان الجيش المستقيل هيرتس هاليفي، وكذلك قائد المنطقة الجنوبية، في خطوة أظهرت خلافات عميقة داخل القيادة الإسرائيلية حول السياسات العسكرية والاستراتيجيات الأمنية في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة.
الأسباب الرسمية وما وراءها
أُعلن عن أسباب استقالة هؤلاء المسؤولين رسميًا بأنها تتعلق بتحمّلهم المسؤولية عن فشل الجيش الإسرائيلي خلال هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، فضلاً عن اعتراضهم على قانون تجنيد الحريديم. لكن العديد من المحللين يرون أن هذه الأسباب الوهمية تهدف فقط إلى الحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية ومنع تفكك الرأي العام الإسرائيلي في وقت تمر فيه البلاد بأزمات حربية وخلافات داخلية حادة.
المعارضة الحقيقية للخطة القسرية
وفقًا للتحليلات، تكمن الأسباب الحقيقية وراء هذه الاستقالات في معارضة كبار المسؤولين العسكريين، من بينهم غالانت وهاليفي، للخطة التي اقترحتها القيادة العسكرية والتي تتمحور حول تهجير قسري للفلسطينيين من قطاع غزة، وكذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور "فيلادلفيا". هذه الخطة التي تتعارض بشكل مباشر مع فكر ومخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي تُعتبر بمثابة تحدٍ للسياسات الإقليمية، خاصةً في ظل المخاوف من مواجهة الجيش المصري الذي يمثل خطراً حقيقياً على أمن إسرائيل.
توقيت الاستقالات وتأثيره على الرأي العام
لا يقتصر الأمر على المعارضة المباشرة للخطة القسرية فقط، بل يأتي توقيت تقديم الاستقالات أيضًا في لحظة حساسة على الصعيد السياسي والعسكري، بعد أن حققت إسرائيل نجاحًا عسكريًا إعلاميًا شبه متناقض رغم عدم تحقيق أهداف الحرب كاملةً. يرى المسؤولون أن هذه الخطوة جاءت لتأمين الوحدة الداخلية وتجنب اندلاع فوضى قد تؤثر على معنويات أفراد الجيش الإسرائيلي وعلى الرأي العام، خاصةً في وقت لا يستطيع فيه الكيان الاستمرار في مواجهة حرب أخرى محتملة ضد جيش مصري قوي.
الانسحاب الاستراتيجي ودور القوى الخارجية
يُذكر أن هذه التحركات تأتي في سياق استراتيجية أوسع تهدف إلى انسحاب إسرائيل من المواجهة المباشرة مع مصر، على الصعيد السياسي والعسكري، مما يتيح للولايات المتحدة أن تتصدر المشهد باستعراض قوتها واستفزازها السياسي. في هذا السياق، يُعتبر التصرف الذي يتبعه المسؤولون الإسرائيليون خطوة لتفادي مواجهة مباشرة مع خصم قوي، وتقديم صورة أكثر اعتدالًا أمام المجتمع الدولي، في حين يتم تبرير هذه الاستقالات بأسباب تبدو سطحية ومبالغ فيها.
رؤية مستقبلية وصمود الوطن
وفي ظل هذه التطورات، يعترف بعض المحللين بأهمية التقدير الدقيق للموقف والنتائج المتوقعة من تنفيذ تلك الخطط العسكرية التي قد تحمل عواقب كارثية على أمن إسرائيل. ورغم كل المخاطر والتحديات، يبقى الهدف الأسمى هو الحفاظ على وحدة الصف الوطني وتجنب حدوث انشقاقات داخلية تهدد استقرار الدولة. وفي النهاية، يظل التوجه نحو مواجهة المخاطر وإعادة تقييم الخطط العسكرية والسياسية ضرورة استراتيجية في مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة، خاصةً مع استمرار تهديدات القوى الخارجية والتأثيرات السلبية التي قد تنجم عن سياسات التهجير القسري.