تصاعد الصراع في السودان.. معارك جديدة وتوسع رقعة الحرب
يبدو أن الحرب في السودان تتجه نحو مزيد من التصعيد، مع فتح جبهات جديدة وتكثيف العمليات العسكرية، مما ينبئ بإطالة أمد النزاع وتوسع رقعته. شهدت الأسابيع الأخيرة تطورات متسارعة، حيث تمكن الجيش السوداني من تحقيق تقدم ملحوظ في ولايتي الخرطوم والجزيرة، بينما تشهد مناطق أخرى مثل كادوقلي ونيالا تصعيدًا غير مسبوق، مما يهدد بمزيد من التعقيد في المشهد الأمني والسياسي.
قصف كادوقلي وسقوط عشرات الضحايا
في ولاية جنوب كردفان، تعرضت مدينة كادوقلي لقصف مدفعي مكثف أسفر عن مقتل 44 شخصًا وإصابة 28 آخرين، وفقًا لما أعلنته وزيرة الصحة بولاية جنوب كردفان، جواهر أحمد سليمان. وأوضحت مصادر محلية أن القذائف استهدفت أحياء سكنية، وأسواقًا، وحتى بعض المرافق التعليمية، مما زاد من حجم الخسائر البشرية.
واتهمت الحكومة السودانية الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو بتنفيذ الهجوم، ردًا على عمليات الجيش السوداني في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الشعبي بجنوب كردفان. وقد يؤدي هذا التصعيد إلى إشعال فتيل مواجهة طويلة الأمد بين الطرفين.
نيالا تحت القصف الجوي.. ومخاوف من اتساع النزاع
في جنوب دارفور، تعرضت مدينة نيالا لغارات جوية مكثفة، أدت إلى مقتل 25 شخصًا وإصابة 63 آخرين، وفقًا لتقارير طبية. وأشارت مصادر عسكرية إلى أن الجيش السوداني نفذ الضربات الجوية، مستهدفًا مناطق يُعتقد أنها معاقل لقوات الدعم السريع.
يأتي هذا الهجوم في وقت تصاعدت فيه الدعوات لضرب مراكز نفوذ الدعم السريع في دارفور، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة مع وجود موجات نزوح متزايدة جراء هذه العمليات العسكرية.
خبراء: "السودان أمام معادلة عسكرية جديدة"
يرى المحللون أن السودان يواجه معادلة عسكرية جديدة، حيث تتغير استراتيجيات الحرب مع دخول أطراف جديدة إلى ساحة المعركة.
يقول الكاتب والمحلل السياسي أنور سليمان إن قوات الدعم السريع تحاول تأمين قاعدة خلفية في غرب السودان، لضمان خطوط إمداد آمنة، مما يشير إلى استعدادها لمعركة طويلة الأمد. كما أشار إلى أن دخول حركة الحلو على خط المواجهة يصب في مصلحة الدعم السريع، وهو ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الجيش السوداني.
معاناة أطفال السودان
من جانبه، يرى المحلل عز الدين دهب أن الحرب في السودان باتت "متغيرة الأطوار"، مع تبدل موازين القوى بشكل مستمر. وأوضح أن قصف الجيش لمدن في دارفور، رغم عدم وجود اشتباكات مباشرة، قد يؤدي إلى تأجيج الصراع وإطالة أمده. كما أشار إلى وجود تنسيق غير مُعلن بين قوات الدعم السريع وحركة الحلو، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع.
مستقبل الحرب في السودان.. إلى أين؟
بحسب الخبير السياسي محمد المختار، فإن الحرب الحالية تختلف عن النزاعات السابقة التي كانت محصورة في مناطق جغرافية محددة. وقال المختار إن السودان يشهد الآن حربًا "شاملة ومفتوحة على كامل التراب السوداني"، مما يجعل من الصعب حسمها عسكريًا في وقت قريب.
وأضاف أن تحرك حركة الحلو لمهاجمة كادوقلي يعكس التحولات المتسارعة في موازين القوى، مشيرًا إلى أن الصراع في السودان سيظل مستمرًا ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
دخول جبهات جديدة وخسائر متزايدة في صفوف المدنيين
تتصاعد الحرب في السودان يومًا بعد يوم، مع دخول جبهات جديدة وخسائر متزايدة في صفوف المدنيين، وسط حالة من الانقسام السياسي والعسكري. وبينما يواصل الجيش السوداني تحقيق تقدم في بعض المناطق، يبدو أن قوات الدعم السريع وحركة الحلو تتجه نحو تعزيز نفوذها في أماكن أخرى، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمآلات الحرب في الفترة المقبلة.