حرب الرسوم الجمركية: هل تقود سياسات ترامب الاقتصاد الأمريكي إلى الهاوية؟

حذر اقتصاديون من أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الأمريكي، مع توقعات بخسائر تُقدّر بنحو 148.6 مليار دولار خلال العام المقبل، وفقًا لتقرير صادر عن المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR).
الرسوم الجمركية الأمريكية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي والعالمي
ووفقًا للتقرير، قد يؤدي فرض هذه الرسوم إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنحو نصف نقطة مئوية، مما يهدد استقرار الأسواق الأمريكية ويؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين.
تصعيد تجاري جديد: الرسوم الجمركية تدخل حيز التنفيذ
في خطوة مفاجئة، فرضت إدارة ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على السلع الكندية والمكسيكية، بالإضافة إلى 10% رسوم إضافية على السلع الصينية، ما أثار مخاوف عالمية من تصاعد التوترات التجارية وانعكاساتها على الاقتصاد الدولي.
وكان الاقتصاد الأمريكي قد شهد معدلات نمو جيدة خلال السنوات الماضية، إلا أن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن السياسات الحمائية التي ينتهجها ترامب قد تأتي بنتائج عكسية، مع احتمال ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة بنسبة 1%، ليصل مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3%، وفقًا لبيانات يناير الماضي.
واشنطن تصعّد: لا مجال للتفاوض مع كندا والمكسيك
في تصريح مثير للجدل، أكد الرئيس ترامب أن كندا والمكسيك "لم يعد لديهما مجال للمناورة" لتجنب فرض رسوم جمركية بنسبة 25%، مشيرًا إلى أن القرار سيدخل حيز التنفيذ بحلول منتصف الليل، إلى جانب زيادة التعريفات الجمركية على المنتجات الصينية من 10% إلى 20%.
ويعتمد الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير على الواردات من الصين والمكسيك وكندا، حيث تمثل الدول الثلاث حوالي نصف إجمالي السلع التي تستوردها الولايات المتحدة، مما يزيد من احتمالية ارتفاع أسعار السلع وتأثير ذلك على المستهلكين.
التداعيات الاقتصادية: هل تدخل المكسيك في ركود؟
لم تقتصر آثار الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة وحدها، بل امتدت إلى المكسيك، حيث أشار تقرير التليغراف إلى أن الاقتصاد المكسيكي قد يدخل في حالة ركود بحلول نهاية العام، مع توقعات بانكماشه بنسبة 1%، بسبب محدودية القدرة المالية للحكومة المكسيكية على دعم الاقتصاد مقارنة بالصين وكندا.
وتعتمد المكسيك بشكل كبير على التجارة مع الولايات المتحدة، حيث تمثل الصادرات إلى واشنطن 80% من إجمالي صادراتها وربع ناتجها المحلي الإجمالي.
وفي هذا السياق، أوضح كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة، ويليام جاكسون، أن التهديد المستمر بالقيود التجارية من قبل الولايات المتحدة قد يؤدي إلى ضعف الثقة الاقتصادية وتراجع معدلات الاستثمار في المكسيك، مما يعرقل نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.
هل تحقق الرسوم الجمركية أهداف ترامب أم تأتي بنتائج عكسية؟
يرى المحللون أن سياسة ترامب الجمركية قد لا تحقق الأهداف المرجوة، بل قد تتسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار السلع داخل الولايات المتحدة، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الشركات والمستهلكين الأمريكيين، ويؤثر سلبًا على الأسواق المالية العالمية.
كما أن التصعيد التجاري المستمر قد يؤثر على سلاسل التوريد العالمية، مما يعرض الشركات متعددة الجنسيات لمخاطر غير متوقعة، ويهدد استقرار الاقتصاد الدولي في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى التساؤلات مفتوحة: هل ستتراجع إدارة ترامب عن هذه السياسات تحت ضغوط الأسواق؟ أم أن الولايات المتحدة ستواصل التصعيد، ما قد يقود إلى حرب تجارية شاملة تكون لها تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي؟