حنان الطويل: رحلة من الألم إلى الشهرة، ومن الشهرة إلى المأساة

قليلون يعرفون أن الفنانة حنان الطويل، التي أضحكت الجماهير بأدوارها الكوميدية، كانت تخفي وراء ابتسامتها قصة حياة مليئة بالألم والمعاناة. قصة تحولها من "طارق" إلى "حنان" لم تكن مجرد عملية جراحية، بل كانت رحلة صعبة واجهت فيها السخرية والرفض وحتى التعذيب، قبل أن تنتهي حياتها بشكل مأساوي.
البداية: طارق الذي حلم بأن يكون حنان
عاش طارق، الاسم الذي عُرف به قبل التحول، وسط جنس الرجال، لكنه كان يشعر دائمًا أنه مختلف. كان يحلم باليوم الذي يستطيع فيه أن يعيش كامرأة، لكن هذا الحلم واجه سخرية قاسية من المحيطين به. تعرض للإهانة والضرب، حتى من عائلته التي رفضت فكرة تحوله الجنسي.
لم يجد طارق مفرًا سوى الهروب من بيئته المحافظة، ليقوم بعملية التحول الجراحية ويصبح "حنان الطويل". لكن التحول لم يكن نهاية المعاناة، بل بداية فصل جديد من الألم.
الحياة بعد التحول: بين السخرية والبحث عن الذات
بعد التحول، واجهت حنان الطويل موجة من السخرية والرفض. لم يتقبلها المجتمع، بل وصفوها بـ"الدميمة"، وكان صوتها لا يتناسب مع الصورة الأنثوية التي كانت تحلم بها. لم تجد حنان ملاذًا سوى السينما، حيث حاولت أن تبني لنفسها حياة جديدة.
قدمت حنان أدوارًا صغيرة لكنها تركت بصمة في السينما المصرية، مثل دور "مس إنشراح" في فيلم "الناظر"، و"كوريا" في فيلم "عسكر في المعسكر"، و"العانس" في فيلم "55 إسعاف". هذه الأدوار جعلتها تلمع في سماء الفن، لكنها كانت تحمل في داخلها جرحًا عميقًا.
الشهرة والألم: الضحك الذي يخفي الدموع
رغم نجاحها الفني، كانت حنان تعاني من نظرات الاستهجان والسخرية. كانت تبتسم عندما يسألها أحد الفنانين: "أنتِ كنتِ راجل؟"، لكنها كانت تخفي دموعًا من الألم. كانت تتمنى أن تجد من يحبها أو يتقبلها، لكنها واجهت دائمًا السخرية والضحكات.
بعد فيلم "عاوز حقي"، دخلت حنان في حالة من الاكتئاب الشديد. رفضت التحدث مع أحد، وأغلقت على نفسها باب غرفتها، لتواجه مرآتها وتسأل: "هل أنا دميمة لهذه الدرجة؟". صرخت من الألم، لكن عائلتها لم تقدم لها الدعم، بل رأوا فيها "عارًا" يجب إخفاؤه.
النهاية المأساوية: من التعذيب إلى الانتحار
قررت عائلة حنان إدخالها إلى مصحة نفسية، لكن هذه الخطوة كانت بداية النهاية. في المصحة، تعرضت لأقسى أنواع التعذيب، من صدمات كهربائية إلى جرعات مهدئة، مما أدى إلى تفاقم حالتها النفسية.
في لحظة يأس، قررت حنان إنهاء معاناتها. انتحرت وتركت رسالة واحدة: "بحثت عن السعادة ولم أجد غير الشقاء". رفضت عائلتها استلام جثتها، قائلين: "نحن لم ننجب فتاة، كان عندنا طارق وقد مات". تسلم جثتها نقيب السينمائيين، وتم دفنها بعيدًا عن عائلتها.
عاشت حياة مليئة بالألم والمعاناة. رغم نجاحها الفني
حنان الطويل، التي أضحكت الملايين بأدوارها الكوميدية، عاشت حياة مليئة بالألم والمعاناة. رغم نجاحها الفني، لم تعرف معنى السعادة الحقيقية. قصتها تذكرنا بأن وراء كل ضحكة قد تختبئ دموع، وأن المجتمع يحتاج إلى أن يكون أكثر تقبلًا للاختلاف.