محكمة جنايات سفاجا تلغي حكم إعدام قاتلة طفلتيها التوأم وتستبدله بالمؤبد
أصدرت محكمة جنايات سفاجا، اليوم، حكمًا بإلغاء عقوبة الإعدام الصادرة عن محكمة جنايات البحر الأحمر ضد المتهمة أمل محمد، المدانة بقتل طفلتيها التوأم هيفاء وهتان، اللتين لم تتجاوزا الرابعة من العمر، وذلك في القضية رقم 134 لسنة 2024، واستبدلته بالسجن المؤبد.
تفاصيل الجريمة وأسباب الحكم الأولي بالإعدام
بحسب أوراق القضية، أقدمت المتهمة على قتل طفلتيها عمدًا وعن سبق إصرار، حيث خططت ونفذت الجريمة بوعي كامل، مستغلة ضعف الطفلتين وعجزهما عن المقاومة.
وفقًا للتحقيقات، قامت المتهمة بتكميم أنفاس الطفلتين باستخدام قطعة قماش حتى فارقتا الحياة، ثم ادّعت وفاتهما بشكل طبيعي لإخفاء جريمتها. وخلص حكم الدرجة الأولى إلى أن الجريمة نُفذت بدافع التخلص من مسؤولية تربية الطفلتين، بهدف التمتع بالحياة دون قيود.
كما أيد تقرير الصحة النفسية مسؤولية المتهمة الكاملة عن أفعالها، معتبرًا أنها ارتكبت الجريمة بإدراك تام ودون أي مؤثرات عقلية أو نفسية تؤثر على إرادتها.
دفاع المتهمة ودفوعه القانونية والطبية
تولى الدفاع عن المتهمة المحامي الدكتور هاني سامح، الذي قدم دفوعًا قانونية وصحية، مطالبًا بإثبات عدم مسؤوليتها الكاملة عن الجريمة.
وأكد الدفاع أن التقارير الطبية والنفسية التي أُجريت على المتهمة شابها قصور علمي وتجاهل لعوامل نفسية جوهرية، إذ لم تراعِ التأثيرات النفسية الناجمة عن اكتئاب الحمل وما بعد الولادة، والتي قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية حادة وضعف السيطرة على السلوك.
وأشار الدفاع إلى أن المتهمة كانت تعاني مما يُعرف بـ"الاكتئاب الثلاثي"، وهو مزيج من:
- اكتئاب الحمل
- اكتئاب وذهان ما بعد الولادة
- اكتئاب الوحدة
وأوضح أن هذه العوامل أثرت بشكل مباشر على إدراكها وإرادتها، ما يجعلها غير قادرة على التحكم في أفعالها وقت وقوع الجريمة.
كما دفع المحامي بأن نقص الهرمونات والنواقل العصبية نتيجة الاكتئاب كان سببًا جوهريًا في ارتكاب الجريمة، ما يستدعي إعادة النظر في مسؤولية المتهمة من منظور طبي ونفسي.
طلب تشكيل لجنة طبية جديدة وإعادة التقييم النفسي
طالب الدفاع بتشكيل لجنة خماسية من خبراء وأساتذة الطب النفسي لإعادة تقييم الحالة النفسية للمتهمة، معتبرًا أن التفسير الديني للجريمة على أنها "تأثير من الشيطان" لا يستند إلى حقائق علمية.
كما طالب باستدعاء الأطباء الذين أعدوا التقرير النفسي السابق، لمواجهتهم بأدلة طبية حديثة وبروتوكولات علمية تؤكد تأثير الاكتئاب الثلاثي على السلوك البشري.
الدفاع يطالب بمراجعة عقوبة الإعدام
أكد المحامي هاني سامح أن عقوبة الإعدام عقوبة بربرية لم تثبت فعاليتها في ردع الجرائم، مشيرًا إلى أن تنفيذها يعزز ثقافة العنف المجتمعي، ويزيد من مخاطر إعدام أبرياء نتيجة أخطاء قضائية أو سوء فهم للحالة النفسية للمتهمين.
ودعا إلى إعادة النظر في عقوبة الإعدام بما يتماشى مع العدالة الإنسانية وحقوق الإنسان، خصوصًا في الحالات التي تتداخل فيها العوامل النفسية مع الدوافع الإجرامية.
معاناة نفسية طويلة وغياب نية القتل المسبق
أوضح الدفاع أن المتهمة عانت من اضطرابات نفسية واجتماعية استمرت لأربع سنوات، منذ حملها وحتى وقوع الجريمة، ما أثر على قدرتها على اتخاذ قرارات عقلانية.
ودفع بانتفاء نية القتل المسبق وغياب عنصر الإرادة الحرة، معتبرًا أن الواقعة جاءت نتيجة اضطراب نفسي حاد، وليس قرارًا مدبرًا أو مخططًا له مسبقًا.
المحامي هاني سامح: إلغاء الإعدام خطوة نحو البراءة
في تعقيبه على الحكم، صرّح المحامي هاني سامح بأن إلغاء حكم الإعدام خطوة مهمة في مسار القضية، مؤكدًا أنه سيواصل الدفاع عن المتهمة أمام محكمة النقض بهدف الحصول على حكم بالبراءة والإفراج عنها، استنادًا إلى الأدلة الطبية والنفسية الجديدة.
هل تكون هذه بداية لتغيير النظرة القانونية للاضطرابات النفسية في الجرائم؟
يطرح هذا الحكم نقاشًا واسعًا حول دور الأمراض النفسية في تقييم المسؤولية الجنائية، وما إذا كان يجب إعادة النظر في تطبيق عقوبة الإعدام في الحالات التي تتداخل فيها الاضطرابات العقلية مع الدوافع الإجرامية.