أوروبا تتحرك لإعادة التسليح: خطة بقيمة 800 مليار يورو لمواجهة التحديات الأمنية وسط تراجع الدعم الأمريكي

في خطوة غير مسبوقة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم الثلاثاء، عن خطة ضخمة تحت عنوان "إعادة تسليح أوروبا"، تهدف إلى حشد 800 مليار يورو لتعزيز القدرات الدفاعية للقارة العجوز، وسط تصاعد المخاوف من احتمالية تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها العسكرية تجاه حلف الناتو.
خطة دفاعية طارئة لدعم أوروبا وأوكرانيا
أوضحت فون دير لاين أن الخطة ستوفر دعمًا ماليًا ضخمًا للدول الأعضاء، منها 150 مليار يورو على شكل قروض عسكرية، بالإضافة إلى استثمارات في الصناعات الدفاعية، لضمان استقلال أوروبا عسكريًا وتعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات المحتملة. كما تتضمن الخطة مساعدات فورية لأوكرانيا لمساندتها في حربها ضد روسيا.
هل تستطيع أوروبا مواجهة روسيا بمفردها؟
مع تزايد التوترات بين الغرب وروسيا، تجد الدول الأوروبية نفسها أمام تحديات أمنية غير مسبوقة. ففي حال انسحاب الولايات المتحدة من الناتو، ستضطر 31 دولة أوروبية وكندا إلى مواجهة روسيا بدون الدعم الأمريكي، الذي تقدر قيمته العسكرية بنحو 4 تريليونات دولار.
ووفقًا لتصريحات رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، فإن القوة العسكرية الأوروبية الحالية تقدر بـ 2.6 مليون جندي، وهو عدد يفوق ما تستهدفه روسيا (2.4 مليون جندي). ومع ذلك، يشير الخبراء إلى وجود فجوة عسكرية في المعدات والقدرات التشغيلية، حيث تحتاج أوروبا إلى:
- إضافة 300 ألف جندي جديد لتعزيز جاهزيتها الدفاعية.
- تحديث 1400 دبابة قتالية لمواكبة التطورات العسكرية الحديثة.
- مضاعفة الإنفاق العسكري خلال السنوات الخمس المقبلة لضمان مستوى عالٍ من الردع ضد أي تهديد خارجي.
انسحاب أمريكا من الناتو.. سيناريو كارثي؟
التوجه الأمريكي نحو تقليص التزاماتها الخارجية، وخاصة مع صعود دونالد ترامب مجددًا إلى الساحة السياسية، يثير مخاوف أوروبية كبيرة. ففي حال تنفيذ ترامب تهديداته بسحب واشنطن من حلف الناتو، ستواجه أوروبا فراغًا أمنيًا خطيرًا قد يتركها عرضة لأي تهديد روسي محتمل.
وفقًا لصحيفة ذا صن البريطانية، فإن هذا السيناريو قد يدفع الدول الأوروبية إلى إعادة تشكيل تحالفاتها الدفاعية، وزيادة التعاون بين جيوشها لإنشاء جيش أوروبي موحد قادر على حماية أمن القارة دون الاعتماد على الدعم الأمريكي.
هل تصبح أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها؟
تشكل خطة "إعادة تسليح أوروبا" خطوة جادة نحو تحقيق استقلال عسكري أوروبي، لكنها لا تزال تحتاج إلى تنفيذ سريع واستثمارات ضخمة لضمان فعاليتها. ورغم أن المشروع قد يكون مكلفًا، فإن القادة الأوروبيين باتوا يدركون أن الأمن لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية.
في ظل المشهد الجيوسياسي المضطرب، يبقى السؤال: هل تستطيع أوروبا بناء قوة عسكرية مستقلة قادرة على حماية أمنها القومي دون الاعتماد على واشنطن؟