القاهرة تستعد لاستضافة قمة عربية طارئة لمواجهة خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة

تستعد العاصمة المصرية القاهرة لاستضافة قمة عربية طارئة يوم 27 فبراير الجاري، في خطوة تأتي وسط منعطف تاريخي حاسم في القضية الفلسطينية بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن خطته المثيرة للجدل لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة تحذيرات متزايدة من المخططات الأمريكية والإسرائيلية التي تسعى إلى إفراغ القطاع من سكانه، مما يضع الدول العربية أمام تحدٍ سياسي وأمني واقتصادي كبير في كيفية حماية حقوق الفلسطينيين وضمان استقرارهم.
رؤية عربية موحدة ترفض بشكل قاطع أي عملية تهجير قسري للفلسطينيين
أُعلنت القمة العربية الطارئة بعد تنسيق وثيق بين دولة فلسطين والدول العربية الأخرى، وعلى رأسها مصر التي لعبت دورًا محوريًا في الدعوة لإقامة هذا اللقاء، بالإضافة إلى تنسيق مثمر مع دولة البحرين، التي يتبوأ رئيسها الحالي رئاسة الجامعة العربية على مستوى القمة. وتهدف القمة إلى وضع رؤية عربية موحدة ترفض بشكل قاطع أي عملية تهجير قسري للفلسطينيين تُعتبر بمثابة "تطهير عرقي" وانتهاك صارخ للقانون الدولي.
وقد جاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والتي تتضمن نقل سكان القطاع إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، لتجديد القطاع وتحويله إلى "منتجع الشرق الأوسط"، وقد أثارت هذه الفكرة ردود فعل غاضبة في العالم العربي. إذ يعتبر الكثيرون أن هذه الخطة تخدم الطموحات الأمريكية والإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية وستزيد من معاناة الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يعيش في ظروف إنسانية مأساوية بعد حصار وحروب مستمرة.
ما ستقدمه القمة العربية لمواجهة المخططات الأمريكية
في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام، أشار عدد من الخبراء الدبلوماسيين والسياسيين إلى أن القمة العربية الطارئة ستطرح مقترحاً عربياً متكاملاً يقابل الخطة الأمريكية، يقوم على ثلاثة محاور رئيسية:
-
الدعم الفلسطيني والتأكيد على الحق في العودة:
يؤكد المسؤولون أن القمة ستعلن موقفًا راسخًا بعدم قبول أي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو تغيير واقعهم على أرضهم التاريخية. وسيتم التركيز على أهمية دعم الفلسطينيين في البقاء على أرضهم وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، باعتبارها الضمان الوحيد للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. -
آلية لإعادة إعمار قطاع غزة:
سيركز الحوار على وضع آلية عملية وعاجلة لإعادة إعمار القطاع باستخدام الإمكانيات العربية والدولية. وأشار بعض المحللين إلى أن القمة يمكن أن تكون بمثابة إعلان عربياً لإدخال المعدات والمستلزمات الضرورية لإعادة بناء ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، مع إشراك العمالة الفلسطينية في تنفيذ مشاريع الإعمار، مما يرسخ القدرات الوطنية للمجتمع الفلسطيني. -
تشكيل "جيش عربي موحد" كرسالة معنوية وسياسية:
في خطوة قد تبدو جذرية، أشار بعض الأساتذة وخبراء العلوم السياسية إلى إمكانية إعلان القمة عن تشكيل "جيش عربي موحد" يستند إلى اتفاق الدفاع العربي المشترك الذي وُقع عام 1950. وتُعد هذه الخطوة رسالة ضمنية قوية تُظهر وحدة العرب أمام التحديات الكبرى، وتؤكد أن أي اعتداء على دولة أو شعب عربي هو اعتداء على الجميع.
وجهات نظر وتوقعات الخبراء
أعرب أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب عن قلقه من استمرار الولايات المتحدة في التصريحات التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين رغم الرفض العربي القاطع، مشدداً على أن القمة تأتي في "ظرف غاية في الصعوبة والتعقيد" يتطلب من الدول العربية اتخاذ إجراءات فعلية بدلاً من البيانات فقط. كما ربط المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أحمد وهبان بين القمة ومؤتمر إعادة إعمار غزة الذي ستستضيفه القاهرة، مؤكدًا أن الرسالة العربية التي ستصدر من القمة ستؤكد على تمسك العرب بوجود الفلسطينيين على أرضهم، مع اتخاذ خطوات عملية لإعادة إعمار القطاع دون المساس بحقوق شعبه.
التنسيق العربي الكامل هو السبيل الأمثل للتصدي للتصريحات الأمريكية المتطرفة
ومن جانبه، أشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، إلى أن التنسيق العربي الكامل هو السبيل الأمثل للتصدي للتصريحات الأمريكية المتطرفة، مؤكدًا أن التجربة العربية علمتنا أن التنسيق والتوحد يخففان من قوة الضغوط الخارجية. وأضاف زكي أن الخطة العربية يجب أن تتضمن أيضاً حوارًا جادًا مع الإدارة الأمريكية لإقناعها بضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وإيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
القمة العربية الطارئة في القاهرة بمثابة فرصة فريدة لتوحيد الجهود العربية
في ظل التحديات التي تفرضها الخطة الأمريكية لتهجير الفلسطينيين، تبدو القمة العربية الطارئة في القاهرة بمثابة فرصة فريدة لتوحيد الجهود العربية والدولية لدعم القضية الفلسطينية. وبينما يتوقع أن تحمل القمة رسائل قوية توضح رفض العرب لأي عملية تهجير قسري، فإنها تسعى أيضاً إلى وضع آليات عملية لإعادة إعمار غزة وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مما يعكس وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات الكبرى وإعلاء صوت الحق والعدالة على مستوى الشرق الأوسط.