صراع داخلي في معسكر ترامب و البيت الأبيض يعلق -الأولاد سيبقون أولادًا

أطلق البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، تعليقًا ساخرًا على الخلاف العلني بين الملياردير إيلون ماسك والمستشار الاقتصادي السابق بيتر نافارو، واصفًا النزاع بينهما بأنه "مجرد مشاجرة بين أولاد"، في تعبير غير معتاد على لسان المؤسسة الرسمية الأولى في البلاد.
وجاء التصريح على لسان كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، خلال إحاطة صحفية مع الصحفيين، حيث قالت:
"من الواضح أن هذين الشخصين لديهما وجهات نظر مختلفة تمامًا بشأن التجارة والرسوم الجمركية... الأولاد سيبقون أولادًا، وسندع سجالهما العلني يستمر، كما يجب أن تكونوا جميعًا ممتنين للغاية لأن لدينا أكثر إدارة شفافية في التاريخ".
البداية: ماسك يصف نافارو بـ"الأحمق"
التصريحات جاءت بعد ساعات من اشتعال الحرب الكلامية بين الطرفين، إذ وصف إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا وأحد أبرز حلفاء ترامب في وادي السيليكون، المستشار بيتر نافارو بـ"الأحمق"، وذلك ردًا على تصريحات أدلى بها الأخير خلال مقابلة مع قناة CNBC، اتهم فيها تسلا بأنها ليست شركة تصنيع سيارات حقيقية، بل مجرد "شركة تجميع" تعتمد على استيراد القطع من الخارج.
ماسك لم يتأخر في الرد، فكتب على منصة "إكس" (تويتر سابقًا):
"نافارو أحمق حقًا.. ما يقوله هنا باطل تمامًا".
وفي تغريدة لاحقة، صعّد ماسك من هجومه قائلًا:
"تسلا هي شركة تصنيع السيارات الأكثر تكاملًا في أمريكا، مع أعلى نسبة من المكونات الأمريكية"، وختم ساخرًا:
"يجب على نافارو أن يستشير ذلك الخبير المزيف الذي اخترعه، رون فارا".
رون فارا.. الخبير الوهمي
الجدير بالذكر أن "رون فارا" ليس سوى شخصية وهمية اخترعها بيتر نافارو بنفسه، حيث كشفت الصحافة الأمريكية أن الاسم مجرد إعادة ترتيب لحروف اسم نافارو، وكان قد استخدمه كمصدر في كتاباته الاقتصادية، ما أثار حينها سخرية وانتقادات حادة من الأوساط الأكاديمية والإعلامية.
جوهر الخلاف: أمريكا بين الانفتاح والتصنيع الداخلي
الجدل بين الطرفين يعكس انقسامًا حقيقيًا في صفوف الجمهوريين وحتى داخل حملة ترامب المحتملة لعام 2024، بين من يدعون إلى فتح الأسواق وخفض الرسوم الجمركية مثل ماسك، وبين من يتمسكون بالحمائية التجارية وتشجيع التصنيع المحلي مثل نافارو.
ماسك كان قد دعا في وقت سابق إلى إلغاء الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا، معتبرًا أن الانفتاح التجاري يصب في مصلحة المستهلكين والشركات، في حين اعتبر نافارو أن هذه الدعوة "تُظهر أن ماسك لا يفهم شيئًا عن الاقتصاد"، مؤكدًا أن حماية التصنيع المحلي أهم من المصالح الفردية.
البيت الأبيض: ترامب يستمع للجميع
وفي خضم هذا السجال، حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض تقليل حجم الأزمة، قائلة إن "التراشق بين ماسك ونافارو يظهر استعداد الرئيس ترامب للاستماع إلى جميع الآراء، حتى داخل أعلى مستويات الحكومة"، مشيرة إلى أن "الاختلاف في الرأي لا يعني الانقسام، بل يعكس حيوية الإدارة".
لكن مراقبين يرون في هذا الخلاف مؤشرًا على تصاعد التوترات داخل معسكر ترامب، خصوصًا أن الشخصيتين تحظيان بثقل إعلامي واقتصادي كبير، وتجمعهما علاقة وثيقة مع الرئيس السابق، الذي لم يُصدر حتى الآن تعليقًا رسميًا بشأن النزاع.