سندات الخزانة الأمريكية : الاقتصاد الامريكي في قبضة الصين

مع أعلان الرئيس الأمريكي ترامب حربا تجارية حول العالم والصين علي وجة الخصوص تمتلك الصين عمليا ورقة ضغط قوية ضد الولايات المتحدة عن طريق حيازتها الضخمة لسندات الخزانة الأمريكية، إلا أن استخدامها كسلاح اقتصادي مباشر أمر محفوف بالمخاطر الشديدة، وقد يؤدي إلى تداعيات عالمية لا تقتصر فقط على الولايات المتحدة، بل تمتد إلى الصين نفسها والاقتصاد العالمي بأسره.
الخلفية: الصين وسندات الخزانة الأمريكية
الصين تُعد ثاني أكبر مالك أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية بعد اليابان، بحيازة تبلغ حوالي 761 مليار دولار. هذه الاستثمارات تُعتبر أداة مزدوجة:
من جهة، تُساعد على استقرار سعر صرف اليوان-.كما انها توفر مصدرًا آمنًا للاحتياطات الأجنبية الصينية.
هل يمكن أن تستخدم الصين السندات كسلاح اقتصادي؟
الأجابة نعم. يمكن لدولة الصين أن تهدد أو تقوم ببيع جزء من سنداتها الأمريكية كرد فعل على العقوبات الاقتصادية أو التوترات التجارية. مثل هذا الإجراء قد يؤدي إلى:
-
رفع أسعار الفائدة الأمريكية (لأن الحكومة ستضطر لجذب مشترين جدد للسندات بأسعار أقل/عوائد أعلى).
-
هبوط قيمة الدولار مؤقتًا.
-
اضطرابات في الأسواق العالمية، خاصة في أسواق الديون والعملات.
-
لكن لماذا لا تفعل الصين ذلك فعلاً؟
الخبير الروسي ألكسندر نازاروف : قال ان هذا السيناريو غير مرجح للأسباب التالية:
1. بيع السندات يعزز اليوان
حين تبيع الصين السندات وتحصل على الدولارات، سيتعين عليها تحويل تلك الدولارات إلى يوان لاستخدامها محليًا أو استثمارها. هذا سيؤدي إلى ارتفاع سعر اليوان، مما يجعل الصادرات الصينية أكثر تكلفة وأقل تنافسية، وهو ما يتعارض تمامًا مع مصلحة الاقتصاد الصيني القائم جزئيًا على التصدير.
2. قلة البدائل الآمنة
الصين ستواجه معضلة أين تضع الأموال بعد بيع السندات الأمريكية؟
-
معظم الأصول العالمية الأخرى غير كافية في الحجم أو الأمان أو السيولة لاستيعاب مئات المليارات من الدولارات.
-
العملات الأخرى (مثل اليورو أو الين) لا توفر نفس مستوى الأمان والسيولة.
3. الخسائر الذاتية المحتملة
البيع المكثف للسندات سيؤدي لانخفاض قيمتها، وبالتالي ستُمنى الصين بخسائر مباشرة على ما تملكه من سندات.
4. الإضرار بالنظام المالي العالمي
بما أن السندات الأمريكية تُعتبر العمود الفقري للنظام المالي العالمي، فإن هزة كبيرة فيها ستؤثر على كل الأسواق، بما في ذلك الصين نفسها.
هل هناك بدائل بيد الصين؟
-
خفض قيمة اليوان: وهو سلاح فعّال لكنه يتطلب شراء المزيد من الدولارات، ما يعني مزيدًا من الاستثمار في السندات الأمريكية وليس بيعها.
-
فرض قيود تجارية أو التوجه نحو بدائل استراتيجية مثل اتفاقيات التبادل التجاري بالعملات المحلية مع دول مثل روسيا، إيران، الهند، وأفريقيا.
السندات الأمريكية تمثل "سلاحًا ماليًا" محتملاً بيد الصين
تعتبر الصين ان استخدام ورقة السندات الأمريكية أمر مستبعد الان للاسباب السابق ذكرها رغم أن السندات الأمريكية تمثل "سلاحًا ماليًا" محتملاً بيد الصين، إلا أن استخدامها يُعد آخر الحلول، بسبب مخاطره المباشرة على الاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي. بكين تفضل حتى الآن اللعب بورقة اليوان والسياسات التجارية، دون المساس الكبير بمخزونها من السندات الأمريكية.