عبد الله أوجلان.. بين قيود السجن ونداء السلام

أوجلان يدعو لإنهاء الصراع.. هل يقترب "عدو أنقرة الأول" من الحرية؟
بعد 25 عامًا من العزلة في سجن إمرالي، عاد عبد الله أوجلان، الزعيم الكردي ومؤسس حزب العمال الكردستاني، إلى دائرة الضوء مجددًا، بعدما أطلق نداءً تاريخيًا لإنهاء الصراع المسلح المستمر منذ أربعة عقود.
أوجلان، البالغ من العمر 75 عامًا، طالب حزبه بإلقاء السلاح وحل نفسه، في خطوة غير مسبوقة قد تعيد تشكيل مسار القضية الكردية في تركيا.
"على جميع المجموعات المسلحة إلقاء السلاح، وعلى حزب العمال الكردستاني حل نفسه"، بهذه الكلمات الصادرة من زنزانته الانفرادية، فاجأ أوجلان الجميع، معلنًا تحمله المسؤولية التاريخية لدعوته.
هذه التصريحات تأتي بعد أربعة أشهر من عرض السلام الذي قدمته الحكومة التركية عبر زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، والذي دعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، في محاولة لإنهاء واحد من أطول الصراعات في تاريخ تركيا الحديث.
رحلة أوجلان.. من المنفى إلى السجن مدى الحياة
وُلد عبد الله أوجلان عام 1949، ليصبح لاحقًا العدو الأول لتركيا، ومؤسس حزب العمال الكردستاني، الذي سعى منذ 1980 إلى إقامة دولة كردية مستقلة.
حظي الحزب بدعم واسع بين الأوساط الكردية، مما دفع أنقرة إلى حظره وتصنيفه كمنظمة إرهابية، خاصة بعد تصعيد عملياته العسكرية داخل تركيا وإيران.
في عام 1980، لجأ أوجلان إلى سوريا، حيث ظل متواريًا عن الأنظار حتى عام 1998، عندما اتهمت أنقرة دمشق بدعمه، مهددة بتدخل عسكري إذا لم يتم تسليمه.
تحت الضغط التركي، اضطر أوجلان إلى مغادرة سوريا متجهًا إلى أوروبا، حيث حاول الحصول على اللجوء السياسي، لكنه فشل في ذلك، وانتهى به الأمر في قبضة المخابرات التركية.
في فبراير 1999، نفذت المخابرات التركية، بمساعدة استخبارات أمريكية وإسرائيلية وكينية، عملية معقدة لاختطاف أوجلان من نيروبي إلى أنقرة.
بمجرد وصوله إلى تركيا، خضع لمحاكمة انتهت بالحكم عليه بالإعدام، لكن بعد إلغاء عقوبة الإعدام عام 2002، تم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة في سجن إمرالي.
حزب العمال الكردستاني.. من السلاح إلى طاولة المفاوضات
لم تمنع سنوات السجن الطويلة أوجلان من الاستمرار في توجيه سياسات حزبه، بل زادته الزنزانة رمزية وتأثيرًا في الأوساط الكردية.
في عام 2000، أعلن الحزب رسميًا وقف الكفاح المسلح، ودخل في مفاوضات مع الحكومة التركية، بقيادة رجب طيب أردوغان، في محاولة لإيجاد حل سياسي للنزاع.
لكن هذه المفاوضات انهارت عام 2015 وسط موجة جديدة من العنف، مما أدى إلى تجميد الاتصالات بين أوجلان وأنقرة حتى أكتوبر 2023، عندما عرض حزب الحركة القومية مبادرة سلام جديدة.
هل تكون دعوة أوجلان الأخيرة لإلقاء السلاح بمثابة نقطة تحول في القضية الكردية؟
لماذا الآن؟ دوافع الدعوة المفاجئة للسلام
دعوة أوجلان الأخيرة أثارت تساؤلات كثيرة حول دوافعها الحقيقية، وما إذا كانت تأتي في سياق صفقة سياسية بينه وبين الحكومة التركية.
تأتي الدعوة في وقت حساس تمر به تركيا بأزمات داخلية واقتصادية معقدة، مما قد يدفع الحكومة إلى البحث عن حلول للنزاعات الداخلية، خاصة مع تصاعد الانتقادات حول السياسات القمعية في البلاد.
قد تكون الدعوة أيضًا جزءًا من محاولة الحكومة التركية لاحتواء التوترات في المناطق ذات الأغلبية الكردية، والتي شهدت موجات من الاحتجاجات والعنف خلال السنوات الأخيرة.
من جهة أخرى، يرى البعض أن أوجلان يحاول إنقاذ إرثه السياسي عبر إنهاء الصراع الذي بدأه قبل أربعة عقود، خاصة مع تقدمه في العمر وتراجع نفوذه على الجناح العسكري لحزبه.
ما الذي يمكن أن يحدث بعد هذه الدعوة؟
لا تزال استجابة حزب العمال الكردستاني لهذه الدعوة غير واضحة، لكن هناك عدة سيناريوهات محتملة:
سيناريو الحل السلمي: إذا قرر الحزب الالتزام بدعوة أوجلان، فقد نشهد مفاوضات جديدة مع الحكومة التركية تؤدي إلى إنهاء النزاع بشكل نهائي.
سيناريو الرفض والتصعيد: في حال رفض الجناح العسكري للحزب التخلي عن السلاح، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد المواجهات المسلحة بينه وبين الجيش التركي.
سيناريو استغلال الدعوة سياسيًا: قد تستخدم الحكومة التركية هذه الدعوة كأداة دعائية لتحسين صورتها محليًا ودوليًا، دون تقديم تنازلات فعلية لحل القضية الكردية.
يبقى السؤال الأهم: هل تمثل هذه الدعوة تحولًا استراتيجيًا حقيقيًا، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية ضمن صراع سياسي طويل الأمد؟
دعا من زنزانته إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح
أوجلان يدعو من زنزانته إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، في خطوة مفاجئة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في تركيا.
الدعوة تأتي بعد عرض سلام من أنقرة، مما يثير تساؤلات حول صفقة محتملة بين الطرفين.
الزعيم الكردي مرّ برحلة طويلة من المنفى إلى السجن مدى الحياة، لكنه ظل شخصية مؤثرة في القضية الكردية.
تركيا قد تستغل الدعوة سياسيًا، بينما يبقى موقف حزب العمال الكردستاني غير واضح حتى الآن.
مستقبل النزاع الكردي في تركيا معلق بين إمكانية الحل السلمي أو تصعيد المواجهة.
هل يكون هذا الإعلان بداية جديدة لإنهاء الصراع الذي استمر لعقود، أم أنه مجرد فصل جديد من المفاوضات المعقدة بين تركيا والأكراد؟