عودة جثامين رهائن إسرائيل: تحقيقات الطب الشرعي تكشف ملابسات مقتلهم وسط تبادل أسر وإنجازات دبلوماسية

في خطوة تثير العديد من التساؤلات وتضع المزيد من الضوء على المفاوضات الحساسة بين حركة حماس وإسرائيل، تسلَّمت القوات الإسرائيلية اليوم الخميس جثامين أربعة من رهائنهم، من ضمنهم شيري بيباس وطفليها أرئيل وكفير، بالإضافة إلى الإسرائيلي عوديد ليفشتس، الذين اختطفوا في هجوم نفذته حركة حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف قطاع غزة. تأتي هذه العملية ضمن إطار تبادل الأسر الذي بدأ مؤخرًا بين الطرفين، فيما تترقب إسرائيل نتائج تشريح الطب الشرعي لتحديد ملابسات وفاتهم الدقيقة وسط روايات متضاربة.
عائلة بيباس قد قُتلت في هجوم إسرائيلي على القطاع
منذ هجوم أكتوبر 2023، تصاعدت التوترات بين الجانبين مع استمرار الغموض حول مصير الرهائن وموقع احتجاز جثامينهم. ففي مطلع ديسمبرل 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق حول إعلان حركة حماس بأن عائلة بيباس قد قُتلت في هجوم إسرائيلي على القطاع، فيما أُثيرت تساؤلات حول صحة الروايات المتداولة والجهة المسؤولة عن وفاة الرهائن. ووفقًا لإذاعة الجيش الإسرائيلي، فقد اُحتجزت العائلة في منطقة شرق خان يونس، التي كانت مسرحًا لعمليات عسكرية مكثفة على مدى أشهر
عائلة بيباس
الأسري الأربعة قتلوا في هجمات نفذها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
تصر حركة حماس على أن الأربعة قتلوا في هجمات نفذها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، بينما يبقى سبب الوفاة غير محسومً، تاركًا الأمر بين تحقيقات تشريح الطب الشرعي وفحوصات الحمض النووي لتقديم صورة واضحة عن ملابسات الحادث. في بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أوضح أن قوات الجيش الإسرائيلي والشاباك قد تسلَّمت عبر الصليب الأحمر داخل قطاع غزة توابيت الرهائن، وأنه سيتم نقلها إلى المركز الوطني للطب الشرعي التابع لوزارة الصحة، حيث ستجري عملية التعرف على هوياتهم وإعلانها رسميًا للعائلات.
تفاصيل عملية التسليم والإجراءات الفنية
أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجثامين ستُنقل في مواكب عسكرية إلى معهد الطب الشرعي، حيث ستخضع لفحوصات دقيقة لتحديد هوياتهم وأسباب الوفاة، وهي عملية قد تستغرق 48 ساعة. وفي تصريح عسكري، أكد الجيش الإسرائيلي أن التحقيقات ستسعى إلى تحديد سبب وفاة الرهائن بدقة، مشيرًا إلى أن الفحوصات المخبرية ستُعطي إجابات قاطعة بشأن الروايات المتضاربة؛ إذ تتناقض البيانات مع تصريحات حركة حماس التي تنسب الوفاة لهجمات إسرائيلية.
رسائل أثناء تسليم جثامين الأسري
وفي سياق متصل، جاءت عملية التسليم في بلدة بني سهيلا بمدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، حيث سلَّمت حركة حماس الصليب الأحمر جثامين الرهائن وسط مشهد درامي؛ فقد ظهرت المنصة أمام مقبرة "الشهداء" مع لوحات ضخمة تحمل شعارات ورسائل موجهة لإسرائيل. ومن بين تلك الرسائل صورة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ملطخة بالدماء، وأسفلها صورة للرهائن الأربعة أحياء، مع نصوص بثلاث لغات (العربية والعبرية والإنجليزية) تتهمه بتورط مباشر في "قتلهم".
تبادل الأسر وآثار العملية الدبلوماسية
تُعتبر هذه العملية أول عودة لجثامين الرهائن منذ بدء عمليات التبادل بين حركة حماس وإسرائيل، والتي تأتي في إطار اتفاق التهدئة الساري منذ التاسع عشر من الشهر الماضي. وتولى عملية التسليم قائد المنطقة الشرقية في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، الذي أعلنت إسرائيل مقتله سابقًا، مما أضاف بُعدًا دراميًا إلى العملية. وتُسلم هذه الجثامين مقابل إطلاق سراح فلسطينيين معتقلين في إسرائيل، ومن المقرر أن يتم إطلاق سراحهم يوم السبت، مما يعكس محاولة لإعادة بناء الثقة وإرساء آفاق للتهدئة رغم التوترات المستمرة.
نتائج تشريح الطب الشرعي لتحديد ملابسات وفاة الرهائن
تسلط هذه العملية الضوء على التعقيدات الإنسانية والدبلوماسية التي ترافق تبادل الأسر في ظل الصراع الدائر بين حركة حماس وإسرائيل. وبينما تترقب السلطات الإسرائيلية نتائج تشريح الطب الشرعي لتحديد ملابسات وفاة الرهائن، يبقى السؤال معلقًا حول كيفية تجاوز هذه المرحلة المؤلمة وتحقيق تقدم نحو وقف التصعيد. إن عودة جثامين الرهائن ليست سوى خطوة ضمن سلسلة من التحركات التي تهدف إلى تقليل التوتر وإعادة الأمل إلى كلا الجانبين، وسط جهود دولية ومحلية لإيجاد حلول سلمية تضع حدا لمعاناة الأسر وتحقق الاستقرار في المنطقة.