مشروع الطاقة بين تونس وإيطاليا

في ظل التحديات العالمية المتزايدة وأزمات الطاقة المتكررة، تسعى الدول إلى تأمين احتياجاتها الطاقية من خلال مشاريع استراتيجية تضمن الاستدامة وتعزز استقلالها الطاقي. وفي هذا الإطار، يأتي مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا، المعروف باسم "إلماد"، ليكون أحد أكبر المشاريع الإقليمية في قطاع الطاقة، حيث يهدف إلى إنشاء رابط بحري لنقل الكهرباء بين البلدين بقدرة تصل إلى 600 ميغاواط.
أهمية المشروع في تعزيز أمن الطاقة
يعد هذا المشروع جزءًا من الاستراتيجية الوطنية للطاقة في أفق 2035 التي أطلقتها تونس، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، وتعزيز استخدام الطاقات المتجددة، وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية. وبفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تسعى تونس إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا لتبادل الطاقة بين أوروبا وشمال إفريقيا.
تفاصيل نهضة الطاقة التونسية
يهدف مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا إلى إنشاء كابل بحري بطول 200 كيلومتر يربط بين مدينة منزل تميم التونسية وصقلية الإيطالية، مما سيمكن من تبادل الكهرباء في الاتجاهين وتحقيق تكامل طاقي بين شمال وجنوب المتوسط.
تكلفة المشروع: بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي 1.014 مليار يورو بعد مراجعتها من التقديرات الأولية التي كانت 964.2 مليون يورو.
البنية التحتية للمشروع: يشمل المشروع إنشاء محطة تحويل مزدوجة في تونس لتحويل التيار المستمر إلى متردد، بالإضافة إلى خطوط هوائية بجهد 400 كيلوفولت لربط المحطة الجديدة بشبكة الكهرباء التونسية.
مراحل التنفيذ: بدأت الدراسات التقنية والمسح البحري منذ أبريل 2021، وتم الاتفاق على إنشاء لجنة قيادة مشتركة بين تونس وإيطاليا في مارس 2022 للإشراف على تنفيذ المشروع، ومن المتوقع أن يتم تشغيله بحلول عام 2028.

فوائد المشروع وتأثيره على سوق الطاقة
من خلال تنفيذ مشروع "إلماد"، ستتمكن تونس من:
✔ تعزيز أمنها الطاقي عبر تنويع مصادر الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
✔ زيادة فرص الاستثمار في الطاقات المتجددة من خلال تحسين قدرة الشبكة الوطنية على استيعاب الكهرباء النظيفة.
✔ تحسين استقرار الشبكة الكهربائية وتقليل مخاطر انقطاع التيار الكهربائي، خاصة في فترات الذروة.
✔ تسهيل تجارة الطاقة بين أوروبا وشمال إفريقيا، مما يفتح المجال لفرص اقتصادية جديدة لتونس.
مشروع ضمن أولويات الاتحاد الأوروبي
نظرًا لأهميته الاستراتيجية، أدرج الاتحاد الأوروبي هذا مشروع ضمن قائمة المشاريع ذات الاهتمام المشترك (PIC)، مما يعزز فرص الحصول على تمويلات أوروبية ودعم تقني من المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي، الذي وصف المشروع بأنه "رائد وتاريخي".
تونس مركز إقليمي للطاقة المتجددة
مع دخول المشروع حيز التنفيذ، يُتوقع أن تتحول تونس إلى نقطة عبور رئيسية للطاقة بين إفريقيا وأوروبا، مما يمنحها دورًا استراتيجيًا في تعزيز الأمن الطاقي في منطقة البحر المتوسط. كما سيمكن المشروع من زيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، مما يساهم في تحقيق التحول الطاقي نحو مستقبل أكثر استدامة.