حميدتي يتعهد بالعودة إلى الخرطوم بعد انسحاب قواته.. والجيش السوداني يعلن السيطرة الكاملة على العاصمة

في تطور جديد يُعيد خلط أوراق المشهد العسكري في السودان، تعهّد قائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، بالعودة إلى العاصمة الخرطوم، بعد انسحاب قواته منها خلال الأيام الماضية، في خطوة وصفها بأنها "إعادة تموضع"، بينما أكد الجيش السوداني سيطرته الكاملة على المدينة، في مؤشر على تحول ميداني مهم في مجريات الحرب المستمرة منذ قرابة عام.
حميدتي يقرّ بالانسحاب ويتوعد بالعودة
في كلمة صوتية بثتها مواقع التواصل الاجتماعي، وجّه حميدتي رسالة إلى عناصر قواته، قال فيها: "في الأيام السابقة حصل انسحاب لتموضع القوات في أم درمان، وذلك كان قرارًا وافقت عليه القيادة وإدارة العمليات... نحن خرجنا من الخرطوم، ولكن بإذن الله، سنعود إليها".
وتُعد هذه المرة الأولى التي يعترف فيها حميدتي بانسحاب قواته من العاصمة، التي سيطرت عليها "الدعم السريع" بشكل جزئي منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023. وتعكس تصريحاته الحالية رغبة في التمهيد لهجوم مضاد أو على الأقل الحفاظ على الروح المعنوية لقواته، بعد الخسائر التي تكبدتها مؤخرًا.
الجيش يعلن السيطرة الكاملة على الخرطوم
من جانبه، أعلن الجيش السوداني، يوم الجمعة الماضي، استعادة السيطرة الكاملة على مدينة الخرطوم، مؤكدًا تقدمه في عدة محاور داخل العاصمة، لاسيما في منطقة أم درمان، التي كانت تُعتبر معقلًا رئيسيًا لقوات الدعم السريع، بما في ذلك "سوق ليبيا"، الذي استُخدم كموقع لشنّ هجمات على القوات النظامية.
ويؤكد مراقبون أن تقدم الجيش في العاصمة يُعدّ تحولًا نوعيًا في المعركة، وقد يُمهد لتغيرات في موازين القوى الميدانية خلال الأسابيع القادمة، ما لم تتمكن قوات الدعم السريع من إعادة تنظيم صفوفها واستعادة مناطق فقدتها.
الدعم السريع: "لم نخسر أي معركة"
في بيان رسمي نُشر عقب خطاب حميدتي، قالت قوات الدعم السريع إنها لم تخسر أي معركة، بل قامت بـ"إعادة تموضع وانفتاح على جبهات القتال"، واصفة ذلك بأنه "خطة تكتيكية تهدف إلى حسم المعركة في نهاية المطاف لمصلحة الشعب السوداني"، حسب تعبير البيان.
وأكدت "الدعم السريع" أنها ستواصل القتال، رافضة فكرة "الاستسلام أو التراجع"، مشددة على أنها لا تزال تسيطر على أجزاء من العاصمة، بالإضافة إلى كامل إقليم دارفور ومناطق واسعة من جنوب البلاد.
كارثة إنسانية تهدد السودان
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، لقي أكثر من 20 ألف شخص مصرعهم، فيما تشير تقديرات مستقلة من باحثين في جامعات أمريكية إلى أن العدد قد يصل إلى 130 ألف قتيل، في ظل غياب الإحصاءات الرسمية الدقيقة. كما أسفرت الحرب عن نزوح أكثر من 14 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وحذّرت منظمات أممية من أن السودان يواجه كارثة إنسانية كبرى، في ظل توسع رقعة القتال لتشمل 13 ولاية من أصل 18، ما أدى إلى انهيار واسع في شبكات الغذاء والصحة والمياه، ودفع ملايين السودانيين نحو المجاعة.
لا مفاوضات مع "الدعم السريع"
في المقابل، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في تصريحات صحفية، أنه لا توجد نية للتفاوض مع قوات الدعم السريع، مشددًا على أن "الخيار بات صفريًا، ولا مجال سوى للحسم العسكري".
ويرى محللون أن هذا التوجه يعني أن الحرب ستستمر في المستقبل القريب، مع تصاعد الضغوط الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي شامل يُجنّب السودان المزيد من الانهيار.