تصعيد دبلوماسي بين السودان والإمارات.. مندوب الخرطوم في الأمم المتحدة يهاجم أبوظبي بسبب النزاع المسلح

شنّ المندوب السوداني الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف، السفير حسن حامد، هجومًا حادًا على أبوظبي، وذلك ردًا على تصريحات مندوبها، الذي نفى تورط بلاده في النزاع السوداني. يأتي هذا في وقت تتزايد فيه الاتهامات المتبادلة بين الجانبين بشأن دعم قوات الدعم السريع، وهو ما يعكس تعقيد المشهد السياسي والعسكري في السودان.
السودان يتهم الإمارات بدعم قوات الدعم السريع
وفقًا لوكالة الأنباء السودانية سونا، فإن السفير حسن حامد استغل حق الرد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث وصف مندوب الإمارات بأنه "ممثل الميليشيا المتمردة في المجلس". كما اتهم الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخائر، قائلًا إن مطالبات الهدنة في شهر رمضان ليست سوى "محاولة مفضوحة لمنح الميليشيا فرصة لالتقاط أنفاسها واستمرار تدفق الإمدادات العسكرية إليها عبر الإمارات"، بحسب تعبيره.
وطالب المندوب السوداني مجلس حقوق الإنسان بإدانة ما وصفه بـ "التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للسودان". تأتي هذه التصريحات في وقت يواصل الجيش السوداني اتهام الإمارات بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح عبر دول تشاد وإفريقيا الوسطى، وهي اتهامات نفتها أبوظبي مرارًا.
الإمارات تنفي وتؤكد دعمها للحل السياسي
في المقابل، أصدرت البعثة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة بيانًا شديد اللهجة، أكدت فيه رفضها القاطع للاتهامات السودانية. وقال السفير الإماراتي لدى الأمم المتحدة في جنيف، جمال جامع المشرخ، إن بلاده "تؤكد التزامها الراسخ تجاه الشعب السوداني، وتعمل على تقديم المساعدات الإنسانية عبر التنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي وإيغاد". كما شدد البيان على أن الإمارات تواصل دعم الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن "موقف الإمارات واضح وموثق منذ اندلاع النزاع، وهو قائم على دعم الاستقرار ورفض العنف".
وأكد البيان الإماراتي أن الاتهامات السودانية ليست سوى "محاولات لصرف انتباه مجلس الأمن عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الأطراف المتحاربة داخل السودان"، معتبرًا أن الأولوية القصوى يجب أن تكون لإنهاء الحرب عبر الحوار السياسي وليس التصعيد الدبلوماسي.
خلفية الصراع الدائر في السودان
تشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعًا دمويًا بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين. وخلال الأشهر الماضية، تزايدت الاتهامات بين الطرفين بشأن التدخلات الخارجية، حيث اتهم الجيش السوداني الإمارات بتقديم دعم عسكري غير مباشر لقوات الدعم السريع، في حين تنفي أبوظبي هذه المزاعم وتؤكد دعمها للمساعي الإنسانية والحل السياسي.
وفي هذا السياق، تقدمت السلطات السودانية بملف رسمي إلى مجلس الأمن، يتضمن ما وصفته بـ "أدلة دامغة على تورط أبوظبي في دعم قوات الدعم السريع بالسلاح عبر دول مجاورة". هذا الملف لم يؤدِ حتى الآن إلى إجراءات أممية واضحة، لكنه يعكس استمرار التوتر الدبلوماسي بين البلدين.
تصعيد متكرر بين الطرفين
لم تكن هذه المواجهة الدبلوماسية الأولى بين الخرطوم وأبوظبي، فقد سبق أن شهد مجلس الأمن في يونيو 2024 سجالًا بين المندوبين السوداني والإماراتي، عندما اتهم المندوب السوداني الإمارات علنًا بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح، وهو ما نفاه آنذاك مندوب الإمارات محمد أبو شهاب، مؤكدًا أن بلاده لا تدعم أي طرف في الصراع.
كما سبق أن علق مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، على هذه الاتهامات، قائلًا: "في الوقت الذي تسعى فيه الإمارات إلى تخفيف معاناة السودانيين، يصر أحد أطراف الصراع على خلق خلافات جانبية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية." وأضاف أن الأولوية يجب أن تكون لإنهاء الحرب وليس "تشويه موقف الإمارات", على حد تعبيره.
إلى أين يتجه الصراع الدبلوماسي بين السودان والإمارات؟
في ظل استمرار الحرب في السودان، وغياب أي بوادر تهدئة فعلية، يبدو أن التصعيد الدبلوماسي بين السودان والإمارات سيظل قائمًا، خاصة مع تمسك كل طرف بموقفه. فمن جهة، يواصل السودان اتهام أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع، ومن جهة أخرى، ترفض الإمارات هذه المزاعم وتؤكد دعمها للجهود الإنسانية والسياسية.
يبقى السؤال الأهم: هل تتطور هذه التوترات إلى أزمة دبلوماسية أعمق، أم أن الجهود الدولية ستنجح في احتواء الخلافات بين البلدين؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.