الأموال المصادرة من الأخوان وراء أقالة وزير المالية في تونس

قد تكون الأموال المصادرة هي السبب الرئيسي في إقالة وزيرة المالية التونسية، ولكن في التفاصيل يكمن شبح الإخوان الذي ما زال يندس في مفاصل الدولة التونسية، معرقلًا بشتى الطرق جهود الإصلاح التي أطلقها الرئيس قيس سعيد بعد الإطاحة بالجماعة من الحكم.
تعطيل جهود استعادة الأموال المصادرة
بعد إقالة وزيرة المالية سهام البوغديري، التي كانت مسؤولة عن ملف الأموال المصادرة، توضح تصريحات الرئيس قيس سعيد أن تعطّل هذا الملف كان بسبب التلاعب والمماطلة في تنفيذ الإجراءات المتعلقة بمصادرة أموال النظام السابق، رغم مرور سنوات طويلة على الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. حيث وجه سعيد انتقادات لاذعة لبطء الإجراءات، مؤكدًا أن الدولة لا تزال في "نقطة الصفر" فيما يخص استرجاع أموال الشعب المنهوبة.
وتعنى "الأملاك المصادرة" بتلك الممتلكات التي حصل عليها نظام بن علي بطرق غير قانونية، مثل القصور الفاخرة والشركات الكبرى والعقارات. وفي هذا الصدد، أكد سعيد ضرورة تطهير تونس من أي عناصر تتعاون مع الأطراف الأجنبية أو تتخفى وراء الستار لتنفيذ مخططات غير وطنية.
مخالب الإخوان في مؤسسات الدولة
يرى العديد من المراقبين أن التباطؤ في ملف الأموال المصادرة يعود إلى الأيادي الخفية للإخوان داخل الأجهزة الحكومية. وقد أكد المحلل السياسي محمد الميداني أن حركة النهضة (الإخوانية) قد تكون وراء تلاعبات في هذه الملفات خلال فترة حكمها، حيث استحوذت شخصيات من الحركة على العديد من الأملاك المصادرة بأسعار زهيدة، مما ساهم في تعميق الفساد داخل المؤسسات الحكومية.
وأضاف الميداني أن الرئيس قيس سعيد يتعامل مع "اللوبيات" التي تعمل على تعطيل جهود الدولة لاستعادة الأموال المنهوبة، خاصة في ظل استمرار وجود عناصر إخوانية داخل مفاصل الدولة بعد الإطاحة بحكمهم.
مخطط التمكين الإخواني داخل الدولة
لم تقتصر محاولات الإخوان في تونس على تعطيل ملفات فساد معينة، بل كان لديهم مخطط طويل الأمد لتثبيت نفوذهم داخل الدولة عبر التعيينات الحكومية. وفقًا للمحلل السياسي عمر اليفرني، فقد عملت حركة النهضة منذ وصولها إلى الحكم في 2011 على تعيين آلاف من أعضائها في المناصب الحكومية في إطار ما أسموه "مخطط التمكين"، مما مكنهم من السيطرة على مفاصل الدولة وأدى إلى نفوذ كبير داخل العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية.
حرب التطهير من الفساد
منذ اتخاذه لإجراءات 25 يوليو 2021، دخل الرئيس قيس سعيد في حرب صريحة لتطهير الدولة من الفساد المرتبط بجماعة الإخوان. إلا أن هذه الحرب لم تكن سهلة، إذ أن عناصر الإخوان ما زالت تسيطر على أجزاء كبيرة من أجهزة الدولة، مما يعرقل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
تطهير مؤسسات الدولة من الفساد الإخواني
تظل القضية التونسية معقدة، فبينما يسعى الرئيس قيس سعيد إلى تطهير مؤسسات الدولة من الفساد الإخواني، يواجه تحديات كبيرة في مكافحة نفوذهم الممتد في مفاصل الدولة. إن الأيادي الخفية التي تعرقل الإصلاحات تظل العائق الأكبر أمام تحقيق تطلعات الشعب التونسي في استعادة أمواله المنهوبة وبناء دولة عادلة ونظيفة من الفساد.