سياسة ترامب التجارية تقود أسعار الذهب إلى الجنون.. ما القادم؟
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا قياسيًا غير مسبوق، متجاوزة حاجز 2850 دولارًا للأونصة، متأثرةً بارتفاع حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب التوترات الجيوسياسية العالمية. وتزامن هذا الارتفاع مع قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، مما أدى إلى رد فعل قوي من الأسواق والمستثمرين الذين لجأوا إلى الذهب كملاذ آمن وسط تصاعد المخاطر الاقتصادية.
التصعيد التجاري بين أمريكا والصين.. كيف بدأ؟
في إعلان مفاجئ أثار قلق الأسواق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار، مما دفع بكين للرد السريع بفرض رسوم تتراوح بين 10% و15% على مجموعة واسعة من المنتجات الأمريكية.
هذا التصعيد لم يكن الأول في الصراع الاقتصادي بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث سبق لترامب أن فرض عدة تعريفات جمركية منذ توليه منصبه، زاعمًا أنها تهدف إلى تقليل العجز التجاري الأمريكي مع الصين، ودفع بكين إلى تقديم تنازلات في مفاوضات الاتفاقيات التجارية.
لكن هذه السياسات أدت إلى اضطراب الأسواق المالية، ورفع حالة عدم اليقين الاقتصادي، وزيادة قلق المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، مما عزز الطلب على الذهب كملاذ آمن.
الذهب.. الحصن الآمن في أوقات الأزمات
مع تصاعد الحرب التجارية، اتجه المستثمرون إلى الذهب كأداة للتحوط من التقلبات الاقتصادية، مما أدى إلى قفزة تاريخية في أسعاره. وفقًا لتقرير نشرته بلومبرج، فإن قرارات ترامب الأخيرة كانت بمثابة "رياح عاتية" دفعت أسعار الذهب إلى مستويات تاريخية.
يُعتبر الذهب الاستثمار الأكثر أمانًا خلال فترات الأزمات الاقتصادية، حيث يلجأ المستثمرون إليه عند حدوث توترات جيوسياسية أو ركود اقتصادي، باعتباره أصلًا ذا قيمة ثابتة نسبيًا مقارنة بالعملات والأسهم.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب حاليًا:
- التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي أثرت على الأسواق العالمية.
- ارتفاع الطلب على الذهب كأداة تحوط ضد تذبذب العملات والأسهم.
- تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مع مؤشرات سلبية عن أداء الاقتصادات الكبرى.
- التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا، مما زاد من عدم الاستقرار الاقتصادي.
توقعات مستقبلية.. إلى أين تتجه أسعار الذهب؟
يرى محللون أن أسعار الذهب قد تستمر في الارتفاع، خاصة إذا استمرت التوترات التجارية والسياسية دون حلول واضحة.
في مقابلة مع "العربية"، أشار أحد خبراء الاستثمار إلى أن أسعار الذهب قد تصل إلى 3,000 دولار للأونصة في المستقبل القريب، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التجارية.
ويرى بعض الخبراء أن أي زيادة جديدة في الرسوم الجمركية الأمريكية، أو تراجع في أداء الاقتصاد العالمي، قد تدفع الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، مما يزيد من جاذبيته كملاذ آمن للمستثمرين.
السياسات الاقتصادية لترامب وتأثيرها على الأسواق العالمية
يُعرف ترامب بسياساته الاقتصادية العدوانية وغير التقليدية، حيث يعتمد على الضغط الاقتصادي والتعريفات الجمركية لفرض شروطه على الدول المنافسة.
لكن هذه السياسات، رغم أنها قد تؤدي إلى بعض المكاسب قصيرة المدى، فإنها تؤثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادي العالمي، وتدفع المستثمرين إلى تجنب المخاطر من خلال شراء الذهب وأصول الملاذ الآمن الأخرى.
ومن المتوقع أن يستمر التأثير الاقتصادي لهذه السياسات، حتى بعد انتهاء فترة رئاسة ترامب، حيث ستظل آثار الحرب التجارية قائمة، وسيتطلب الأمر سنوات طويلة لإعادة الاستقرار للأسواق العالمية.
هل يستمر جنون أسعار الذهب؟
تعكس الارتفاعات الأخيرة في أسعار الذهب حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تسود الأسواق العالمية، نتيجةً للسياسات التجارية الأمريكية والتوترات الجيوسياسية المستمرة.
في ظل عدم وجود مؤشرات واضحة على نهاية قريبة للحرب التجارية، يُتوقع أن يبقى الذهب في مسار تصاعدي، ما لم تحدث تهدئة سياسية واقتصادية تغير اتجاه الأسواق.