سعيد محمد أحمد يكتب : ترامب .. وجنون العظمة
المؤكد ان تصريحات الرئيس الامريكى ترامب تمثل حالة من الارتباك وربما الاضطراب تعبران عن حجم ما يتلقاه من صدمات فى رفض كل أوامره، سواء فيما يتعلق بطلبة بضم كندا أو قناة بنما أو بعدم قدرته على حل مشاكله مع المكسيك وما يفرضه من اجراءات ضد الاتحاد الاوروبي والصين ودول البريكس ليجد نفسه أمام ازدواجية من المعايير المتناقضة محاط بها افقدته احترام العالم لمطالبه، ليجد العالم يتجاهله فى إصراره على التهجير القسرى للفلسطينيين برغم مخالفته لكل المعايير والقوانين الدولية والإنسانية.
وما يدعو إليه ترامب يشكل تحريضًا على إرتكاب جريمة تطهير عرقى وتهجير قسرى لشعب عاش على الظلم والقهر منذ ٤٨ ودون ان يدرك ان ذلك بالمخالفة للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وميثاق حقوق الإنسان والقرارات الأممية، ومجرد الجدل أو حتى المناقشة فيه يعد مشاركة فى تلك الجريمة اللانسانية .
فيما لا يدركة ترامب جيدا ، ان الرئيس السيسى عندما تحدث عن الأمة فى منطقتنا يجب ان يعرف أنها الأمة المصرية ذات الحضارة العريقة، وأنها جاءت ثم جاء بعدها التاريخ، واستطاعت على مدى تاريخها ان تستوعب وتهضم كل الضغوط، وعندما تقول تلك الامة "لا للتهجير" فيجب ان يتوقف النقاش لان مصر قالت كلمتها ، وليدرك ترامب أخيرا أننا أمه مصرية لا تركع إلا لخالقها، وليكن ما يكون.
فيما لم يهتز الموقف المصرى برغم كل الضغوط والمغالطات الدولية والتاريخية دون تغيير ، وان ما يطلبه ترامب مرفوض رسميا وشعبيا وعربيًا وإقليميًا ودوليا ، وان مصر وشعبها لا تقبل ولاتخضع للتهديد ، فلديها ما لديها من القوة والبأس الشديدين فى إصرارها على صدق موقفها كونه حق يناصر ويدافع عن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم فاجر مهمها بلغ بها الامر.
كما تدرك مصر وشعبها جيدا أبعاد ما تسعى الية إسرائيل عبر تهديدها باغتيال السيسى فى رسالة أقل ما توصف بأنها تتسم بالحماقة والغباء ، بل وتعبر عن الخوف والرعب من المارد المصرى فى شعبها ، وجيشها الذى علم على إسرائيل بالصفعة الكبرى التى تلقتها فى السادس من اكتوبر، وعوضا عن تهديدها بالاشارة الى اغتيال رئيسها عبر نشر صورة مع الرئيس الايرانى الذى جرى اغتياله على أيديكم، فى رسالة تتسم بالوقاحة .
ويبقى السؤال مالذى يريدة نتنياهو من مصر ؟ .. لا اعتقد أن نتنياهو يملك من الشجاعة الإفصاح عما يريده بعدما انكشف عنه المستور، وتمكن "فصيل" فلسطيني من إهدار كرامته وكرامة إسرائيل وجيشها الذى ظل يبحث عن الرهائن على مدى ١٤ شهرا وفشل فى تحقيق اهدافه دون الوصول الى نتيجة سوى تنفيذ جرائم الابادة بحق الابرياء المدنيين من الاطفال والنساء ، وعبر اله وحشية لاتعرف سوى الغدر والخيانة والقتل بدم بارد.
حقيقة الأمر انه برغم صعوبة الموقف وما طرأ على المشهد العربى من متغيرات يندى لها الجبين فان الموقف يحتاج الى وقفة جادة ومن حديد وليس مجرد اصطفاف وانما يكون لدى الجميع الوعى الكامل والفهم الصحيح فى أن تلك اللعبة الوضيعة تستهدف مصر أولآ وأخيرا كما تستهدف القضاء على القضية الفلسطينية والتهرب من فكرة قيام الدولة الفلسطينية منذ ان دعا اليها ولأول مرة باراك اوباما خلال خطابة فى جامعة القاهرة وعاش العالم على ذاك المخدر الذى كشف عنه موخرا الرئيس ترامب .
ووفقا لما تقدم به آدم بولر مبعوث ترامب : بتقديم بدائل ، فأن مصر قدمت البديل بعد رفضها فكرة استقبال الفلسطينيين، وترى ان الخيار الوحيد .." حل الدولتين" وهو الحل الذى سيؤدى الى امن واستقرار المنطقة وابعاد شبح الحروب عنها .
ففى النهاية ستظل مصر الدولة الوحيدة التى وقفت وتصدت بكل شرف للصلف والتعنت الاسرائيلى والدولة الوحيدة فى المنطقة العربية التى قالت للرئيس الامريكى ترامب لا لتهجير الفلسطينين الى مصر وانه من الظلم ترحيلهم ولن يقبل الشعب المصرى بذلك الظلم كونه يشكل تهديدا للامن القومى المصرى والعربى .