صلاح توفيق يكتب : العدالة لسوهاج.. حين تهتز هيبة الدولة في افتتاح مسجد

تلقّت بوابة الصباح اليوم العديد من الرسائل المتباينة من القرّاء بعد تغطيتها الحصرية للمشادة الكلامية التي وقعت بين السكرتير العام لمحافظة سوهاج ونائب المحافظ، والتي جرت أحداثها في مشهد علني أثناء افتتاح مسجد ضمن فعاليات العيد القومي للمحافظة. وقد تراوحت ردود الأفعال ما بين مؤيد ومعترض، بل ذهب البعض إلى اتهامنا بالتحيّز لطرف على حساب الآخر، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلًا، مؤكدين أن موقفنا ثابت لا يتبدل: نحن مع العدالة، ولسنا مع طرف على حساب آخر.
كصحفي ومن أبناء محافظة سوهاج، فإن ما جرى أمام عدسات الكاميرات وفي حضور مسؤولي الدولة والمواطنين يمثل إهانة صارخة لهيبة الدولة المصرية، ولا يمكن القبول بأن يكون هذا هو المشهد الرسمي أمام الجمهور أثناء افتتاح مسجد يفترض أن يرمز إلى السكينة والسلام والعدل
غياب الانضباط المؤسسي داخل دوائر القيادة المحلية
فالمشادة التي وقعت أمام الجمهور، وتداولها الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمكن وصفها بأنها "حادثة فردية" أو "نقطة عابرة"، بل هي مؤشر خطير على غياب الانضباط المؤسسي داخل دوائر القيادة المحلية، وتكشف عن خلل حقيقي يجب التحقيق فيه، لا التغطية عليه بقرارات متسرعة.
وللإنصاف، فإن هناك اتفاقًا عامًا على أن السكرتير العام قد أخطأ، ولكن من حق الرأي العام أن يعرف: ما وراء هذا الخطأ؟ وهل وصل الأمر إلى ما جرى دون تراكمات وخلافات سابقة؟ وهل من المعقول أن ينفجر مسؤول رفيع المستوى بهذا الشكل دون أسباب دفينة لم يعد يتحملها؟ أم أن الطرف الآخر، نائب المحافظ، يمارس سلطات مطلقة جعلت البعض يراه “الحاكم بأمره” داخل ديوان المحافظة؟
نائب محافظ فوق القانون
قرار وزارة التنمية المحلية بإقالة السكرتير العام فور وقوع الحادث، ودون تحقيق واضح أو استماع للطرفين، صبّ الزيت على النار، وزاد من حجم الغضب الشعبي، الذي يرى أن القرار لم يكن منصفًا، بل منحازًا، وأثار تساؤلات عن مدى النفوذ الذي يتمتع به نائب المحافظ، وما إذا كان فوق المساءلة.
ومن هنا، لا يسعنا إلا أن نحيي النائب المحترم إيهاب رمزي، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، الذي تحرك بمسؤولية وطنية وقدّم طلب إحاطة عاجلًا لرئيس الوزراء ووزيرة التنمية المحلية، مطالبًا بالتحقيق في الواقعة. هذا التحرك البرلماني يُحسب له، ويعكس وعيًا حقيقيًا بخطورة ما جرى، وحرصًا على الدفاع عن هيبة الدولة وليس عن أشخاص بعينهم.
ماذا يمنع نواب سوهاج من الدفاع عن الدولة المصرية ؟!!!!!!
وهنا نطرح السؤال المحوري: أين نواب سوهاج من الواقعة؟ ألم يكونوا شهودًا على ما حدث؟ ألم تهتز صورتهم كممثلين للشعب؟ أم أن هناك ما يمنعهم من الوقوف موقفًا وطنيًا مشابهًا لموقف النائب إيهاب رمزي؟!!!!
احترام المسؤولين للقانون وللرأي العام
ما جرى في سوهاج ليس مجرد مشادة كلامية، بل اختبار حقيقي لمدى احترام المسؤولين للقانون وللرأي العام. كان من الممكن، بل من الواجب، أن يتم إقالة الطرفين والتحقيق معهما، لا أن يتحول الأمر إلى “خيار وفقوس” يُعاقب فيه طرف ويُحصّن فيه الآخر.
وفي خضم احتفالات محافظة سوهاج بعيدها القومي، نرفع صوتنا عاليًا مجددًا بشعار:
"العدالة لسوهاج".. لا أحد فوق الدولة، وهيبتها فوق الجميع.