لغز إقالة سكرتير عام سوهاج.. هل تحول نائب المحافظ إلى ”الحاكم بأمره” داخل الديوان؟

فجرت واقعة إقالة اللواء علاء عبد الجابر من منصبه كسكرتير عام محافظة سوهاج بالشكل السريع الذي تمت به جدلاً واسعًا في الشارع السوهاجي، لم يتوقف عند حدود "مشاجرة بروتوكولية" مع نائب المحافظ الدكتور محمد عبد الهادي، بل امتد إلى ما هو أعمق وأخطر: من يحكم ديوان عام المحافظة؟ ومن يملك حق الإزاحة والإبقاء داخل محافظة سوهاج ؟
بيان الوزارة.. سريع وغامض!
جاء بيان وزارة التنمية المحلية بعد ساعات قليلة من الواقعة التي شهدت تبادلًا علنيًا للشتائم والاتهامات بين السكرتير العام ونائب المحافظ خلال افتتاح أحد المساجد في الكوامل، ليؤكد "إقالة اللواء علاء عبد الجابر بناءً على ما خلصت إليه التحقيقات"، دون أن تشير الوزارة إلى طبيعة هذه التحقيقات، أو مدتها، أو الجهة التي أجرتها وكيف تمت ومن قام بها أسئلة مشروعة بسألها المواطن السوهاجي دون ترديد مايقال من أشاعات
هذا البيان فُسّر على نطاق واسع على أنه بيان منحاز، يخفي أكثر مما يوضح، ويزيد من علامات الاستفهام حول من يدير اللعبة فعليًا في ديوان محافظة سوهاج.
هل تم تفجير المسكوت عنه؟
في العلن، بدا الحدث الذي انتشر كالهشيم في النار وكأنه مجرد خلاف على ترتيب الوقوف في صورة رسمية، لكن في الكواليس، تقول مصادر داخل ديوان المحافظة إن المشاجرة كشفت عن صراع خفيّ وطويل بين جناحين إداريين داخل الديوان، أحدهما يقوده السكرتير العام، والآخر مدعوم بقوة من خارج المحافظة، ويقوده نائب المحافظ.
المفارقة أن السكرتير العام أُقيل دون تحقيق شفاف معلن، ودون بيان متوازن يوضح تفاصيل الواقعة أو يستمع لكلا الطرفين، مما دفع الكثير من موظفي الديوان والمواطنين إلى التساؤل بصوت مرتفع: "من الذي يحكم؟ ومن الذي أُزيح؟ ولماذا؟"
نائب المحافظ.. صاحب النفوذ الجديد؟
مع صدور قرار الإقالة السريع، تزايدت الأصوات التي ترى أن الدكتور محمد عبد الهادي، نائب المحافظ، خرج من الواقعة منتصرًا سياسيًا وإداريًا، بل ويرى البعض أنه بات اليوم "الحاكم بأمره" داخل ديوان المحافظة، يمتلك سلطة التأثير على القرارات والمناصب، مدعومًا من جهات عليا علي حد وصفهم ويغفل الجميع عن الضرر الأكبر وهو ضرر سياسي يتعدي حجمة حدود ديوان عام المحافظة
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا الوضع إلى تركيز السلطة في يد شخصية واحدة، في وقت يفترض أن تكون فيه الإدارة المحلية مبنية على القانون والتوازن والشفافية، لا التصفية والإقصاء بشكل سريع وبدون تحقيق معلن
المواطن السوهاجي: نريد تغييرًا جذريًا لا تغييبًا للحقيقة
ردود الفعل في الشارع السوهاجي لم تكن صامتة، بل عبّر الكثير من المواطنين والمهتمين بالشأن العام عن شعورهم بالصدمة من الطريقة التي أُقصي بها السكرتير العام، دون أن يُمنح حتى فرصة الدفاع عن نفسه، واعتبروا أن الحادثة كشفت عن منظومة فاسدة من النفوذ والمحسوبية تحتاج إلى تفكيك لا ترقيع.
وتحولت الواقعة إلى دعوة شعبية لإعادة هيكلة شاملة داخل ديوان عام المحافظة، وتكثيف رقابة الجهات السيادية والرقابية على ما يجري داخل المكاتب المغلقة، قبل أن تتحول سوهاج إلى نموذج جديد لفشل الإدارة المحلية.
أين المحافظ من كل هذا؟
وسط كل هذا الصخب، يبرز غياب صوت المحافظ اللواء عبد الفتاح سراج، الذي اكتفى برفع مذكرة إلى وزارة التنمية المحلية، دون أن يدلي بتصريحات توضح موقفه أو يوضح ما جرى داخل ديوان حكومته. هذا الغياب عزز شعورًا عامًا بأن المحافظ يكتفي بدور المتفرج في صراع تتبدل فيه مواقع مراكز القوي دون رقابة.
مراكز قوى داخل جهاز إداري يعاني من التراكم والشللية والانقسامات
إقالة السكرتير العام لمحافظة سوهاج لم تكن مجرد "عقوبة إدارية"، بل كشفت عن صراع سلطات ومراكز قوى داخل جهاز إداري يعاني من التراكم والشللية والانقسامات داخل ادارة محافظة سوهاج
وإذا لم يتم فتح تحقيق نزيه وشفاف في ملابسات الإقالة، فإن المواطن السوهاجي لن يرى في الحدث سوى عنوانًا جديدًا لاستمرار مركز القوي في ممارسة اعمالها المعتادة داخل ديوان عام محافظة سوهاج
والسؤال الذي يبقى معلقًا:
هل كانت الإقالة رسالة تأديب؟ أم إعلانًا رسميًا لسيطرة طرف واحد ومساندية ؟