مباحثات مصرية سودانية في أنطاليا.. القاهرة تؤكد دعمها الثابت لاستقرار السودان

جددت مصر تأكيدها على موقفها الثابت والداعم لوحدة واستقرار السودان، وذلك خلال مباحثات رفيعة المستوى جمعت بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي بمدينة أنطاليا التركية.
دعم مصري لا يتزعزع
في كلمته، شدد الوزير عبد العاطي على أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين، في ظل الروابط العميقة والتاريخية التي تجمع بين مصر والسودان، مؤكدًا أن استقرار السودان يمثل أولوية أمن قومي بالنسبة لمصر، نظرًا لارتباط مصير البلدين بمصالح استراتيجية مشتركة، أبرزها مياه نهر النيل، والحدود الممتدة، والتداخل البشري والثقافي.
البرهان يشكر القاهرة على الدعم الإنساني
من جانبه، عبّر الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن تقديره العميق لموقف مصر الرسمي والشعبي، خاصة في ظل ما وصفه بـ"الدور الكبير" الذي قامت به القاهرة في استقبال وإيواء مئات الآلاف من السودانيين الهاربين من أتون الصراع. وأضاف البرهان أن مصر أثبتت بالفعل أنها الشقيقة الكبرى التي لا تتخلى عن السودان في محنه، مشيدًا بالمساعدات اللوجستية والطبية والإغاثية التي وفرتها الدولة المصرية رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة.
أزمات السودان تضع الجوار على المحك
ويأتي هذا اللقاء في ظل تطورات مأساوية تعيشها الأراضي السودانية منذ اندلاع الصراع العسكري بين الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في أبريل 2023، ما أدى إلى نزوح أكثر من 10 ملايين مواطن داخليًا وخارجيًا، وتدهور بالغ في الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وقد فرضت الأزمة السودانية على دول الجوار، وفي مقدمتها مصر، واقعًا جديدًا يستدعي التدخل الإنساني والسياسي، لا سيما مع تزايد الضغوط على البنية التحتية في المدن الحدودية المصرية، ومحدودية الموارد وسط التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
مصر والسودان.. شراكة تاريخية في ظل الجراح
يرتبط البلدان بعلاقات ممتدة عبر قرون، وتعاون وثيق في ملفات مصيرية مثل تقاسم مياه النيل، والتنسيق الأمني، والتبادل التجاري. وتمثل اللقاءات الثنائية مثل لقاء أنطاليا، محاولات دبلوماسية لاحتواء الأزمة، وتعزيز الحوار الإقليمي حول مستقبل السودان، سواء من ناحية المسار الانتقالي، أو إعادة الإعمار، أو إدارة ملف اللاجئين.
القاهرة.. ملاذ للسودانيين في ظل نيران الحرب
وتؤكد تقارير حقوقية غير رسمية إلى أن عدد السودانيين المتواجدين في مصر حتى أبريل 2025 قد بلغ نحو 4 ملايين شخص، بعضهم يقيم منذ سنوات، والآخرون دخلوا البلاد بعد تفجر النزاع الأخير. وقد قامت الحكومة المصرية بتقديم تسهيلات متعددة للسودانيين في مجالات التعليم والصحة والإقامة، وسط إشادات دولية بدور القاهرة الإنساني.
مصر تقف في موقعها التاريخي كـداعم حقيقي لوحدة السودان واستقراره
في الوقت الذي يواصل فيه السودان نزيفه الداخلي، تقف مصر في موقعها التاريخي كـداعم حقيقي لوحدة السودان واستقراره، عبر قنوات دبلوماسية، ومساعدات إنسانية، واحتضان ملايين السودانيين الباحثين عن الأمان.
لقاء أنطاليا ليس مجرد لقاء سياسي، بل رسالة تأكيد على أن الروابط بين القاهرة والخرطوم أقوى من الأزمات، وأعمق من الحدود.