سعيد محمد أحمد يكتب :سوريا الجديدة شرعنة ”الشرع”.. نموذج ”للتمكين” لصفقة القرن
مع ضبابية الصورة وما تحمله من هواجس مقلقة لكثير من الملايين ولمعظم الأقليات باتت مهدده بعدم الاستقرار فى ظل غياب الامن والامان والسلم الاجتماعى لكل الشرائح وطالت مختلف المذاهب والطوائف حتى من أهل السنه أنفسهم لغياب العدل تجاه ممارسات الفصائل والتنظيمات الارهابية المتعددة والمسلحة بمختلف مشاربها الجهادية المتطرفة، وبما يؤكد عدم قدرة "جبهة النصرة" فى السيطرة التامة على الاوضاع فى بعض المناطق فى الداخل السورى وبما يضع الادارة الجديدة الحاكمة أمام تحديات شديدة الخطورة والتعقيد .
ومع حالة اليأس والإحباط التامة التى ضربت المجتمع السورى الذى عاش على مدى أكثر من ٥٠ عاما فى مملكة من "الخوف والصمت والنفاق"،ليصبح المجتمع وفى غمضة عين رهينة وأسيرًا لمخلص جديد مجهول الهوية شديد البأس لازال محل بحث من قبل السوريين أنفسهم، ويحمل على الأكتاف عوضا عن حكم طاغية لاذ بالفرار.
شعب عاش فى حالة من النشوة والسكره بنسائم الحرية والعيش بكرامة وإنسانية ليجد نفسه، وقد سقط مغشيا على وجهه من هول قتامة المشهد المقبل فى الانتقام والاقصاء والإبعاد وفرض قوانينهم بكل قوة وصرامة وتحت عناوين كبيرة وضعتها جبهة النصرة " هيئة تحرير الشام " تنظيم القاعدة سابقا" من يملك يقرر ويحرر .
وبرغم حجم ما تبثه بعضا من الفضائيات العربية من النفاق بان الحياة فى سوريا " بمبى بمبى بمبى" على خلاف الحقيقة بآن السائد فى منهج تلك الفصائل المسلحة قائم على الإقصاء والانتقام فى احط صورة البشعة واتسمت بالعلانية كنوع من الردع برغم التسويق لها تحت بند الانتهاكات الفردية، وبما يؤكد بأن المنطق الاقصائي الانتقامي لايبنى دولا ولا يمثل الدين فى شىء ولكنها تشعل نار الفتنة والقتل والدمار .
وفى تقديرى ان معظم الامور التى تجرى فى سوريا لا تبشر بالخير حتى الان، سواء فى استمرار التدخل التركى العسكرى ومحاربته لقوات سوريا الديمقراطية " قسد" التى أبدت رغبتها عبر اتصالها باحمد الشرع فى الانضمام للجيش السورى، وماذا عن موقفه من العدوان الاسرائيلى المتكرر عبر انتهاكها للسيادة السورية وماذا عن وجود القواعد الامريكية الجديدة فى "عين العرب" ومنطقة "التنف"؟!!!
فيما جاء الحوار الذى اجرته قناه العربية مع أحمد الشرع الملقب بالجولانى موخرا ليحمل الكثير من الاشارات التى يراها الرجل وفق قناعاته بان الوضع الراهن فى سوريا يتسم بالهدوء، والاستقرار والامن وفق ما اكده فى حواره العربية، والذى جاء مخالفا لتلك القناعات بإعلانه بأن الوضع الراهن فى سوريا يستدعى بقاءه فى السلطة لمدة اربع سنوات، وبلا دستور لمدة ثلاث سنوات، دون حتى اعلان دستوري مؤقت لتسيير مصالح الدولة وفق القانون، ولكن وفق حكومة شرعنه "الشرع" الانتقالية، وانتظارا لحوار وطنى قد يطول أمده.
فيما حاول الشرع الملقب بالجولانى إرضاء الجميع عبر حواره مع قناة العربية ، الا انه فشل فى اقناع الكثيرين بفكرة الطمأنينة له وربما لعدم فهمه لكيفية بناء الدولة معتبرا تجربتة فى "أدلب" النموذج بإعلانه رئيسًا لسوريا لمدة أربع سنوات دون سند بشرعية الحكم ودون الاعلان وبشكل معلن للشعب السورى يعبر فيه صراحة عن دولة مواطنة تضم كل الطوائف والمذاهب والأحزاب دون تصنيف دينى او مذهبى، وفى ظل غياب مؤسسات عسكرية وأمنية حاكمة تتمتع بكامل الصلاحيات القانونية والدستورية والقضائية عوضا عن الميلشيات المسلحة التى تجوب شوارع العاصمة دمشق، ليصبح فى النهاية نسخة مكررة "لديكتاتور جديد" يبقى سوريا تحت وطأة ومنطق من يحرر يقرر .
أيضا حوار أحمد الشرع الملقب بالجولانى للعربية جاء محملا بخطابين أحدهما خارجى تمثل فى مغازلة الغرب والمجتمع الدولى وبعض القوى الاقليمية والعربية فى المنطقة، وخطاب للداخل السورى غير مطمئن يسعى من خلاله الى ترتيب أمر واقع ربما قد يكون آكثر استبدادا عبر انتاج سلطة "بلون واحد" للسيطرة والتمكين ، خاصة وإنه تهرب من فكرة التعددية ومكونات الشعب السورى وحتى من الائتلاف الوطنى السورى المعارض، وبما يؤشر الى ضرورة وأهمية عدم السماح ولو بمستبد عادل .
وحقيقة الامر أن الاوضاع الراهنة فى سوريا تواجه تحديات شديدة الخطورة والتعقيد اكثر مما مضى، كونها تتعلق بمستقبل سوريا ومستقبل الدولة والوطن والشعب معا،وهى تحديات بدأت تواجهها الادارة الحاكمة الجديدة، وربما صنيعتها عندما يعلن المكلف بوزارة التعليم بتغيير المناهج التعليمية فى سوريا ما بين ليلة وضحاها فى محاولة لاسلمة التعليم وبالغاء مادة التربية الوطنية، وتلك تشكل دلالة خطيرة بان القائمين على الحكم لايهمهم لا الارض ولا الوطن، وانما فكرة "الأممية الاسلامية"، وتلك مصيبة أعظم ، وكنت أتصور ان يقوم بالغاء كل أدبيات حزب البعث مثلا ليضع الجميع امام مأزق خطير مما اضطر المسؤلين الى إلغاء تلك القرارات .
وعلى جانب اخر تواجهه الادارة الجديدة الحاكمة تحديا أشد خطورة متمثلا فى رفض سكان محافظة السويداء "على بعد ١٠٠كم من دمشق"، ومعظمهم من الطائفة الدرزية فى جنوب سوريا ليس فقط فى تسليم أسلحتهم لهيئة العمليات العسكرية التابعة لجبهة النصرة " هيئة تحرير الشام " بل لرفضهم منطق الامر الواقع وهو ما اكده رئيس الطائفة "حكمت الهجرى"، بضرورة وجود تنسيق مسبق معه، وعليه رفض الدروز تسليم أسلحتهم لجبهة النصرة, الا فى ظل وجود دولة ومؤسسات دستورية وقانونية تحافظ على الامن والاستقرار وتحافظ على حقوق الجميع وفق قانون يخضع له الجميع ويصون الحقوق والواجبات .
ويبدو ان عملية تسليم الدروز لاسلحتهم لن تكون أمرًا سهلا ولا هينا وربما تدفع الى القيام بثورة مضادة اذا جرى التغول على حقوق الدروز وتاريخهم فى الكفاح الوطنى منذ السلطان باشا الاطرش ، ولم يتوقف الامر عن الدروز وربما قد يمتد لبعض الطوائف .
ويبقى السؤال الحائر فى نفوس الملايين هل ضاع الحلم فى الشام ؟
سعيد محمد أحمد