السماء تمطر موتًا في السودان.. غارات الجيش تحوّل الأسواق إلى مقابر وتفجر مأساة إنسانية بلا نهاية

تحوّلت غارات الجيش السوداني إلى كابوس يومي لسكان إقليم دارفور، حيث تدكّ الطائرات الأسواق والقرى مخلفةً مشاهد دمار ومآسٍ إنسانية، يعجز العقل عن تصديقها. غارة واحدة كفيلة بأن تقسم طفلًا إلى نصفين، وتُغرق ملامح الطفولة في الدماء، كما حدث مع الطفلة عيسى عبد الله البالغة من العمر 10 سنوات، التي أصيبت بشظايا قنبلة سقطت على سوق مكتظ في دارفور.
عبثية الحرب وقسوة مشاهدها على أطفال لم يعرفوا من الحياة سوى الخوف
تتحدث عيسى بعيون لا تزال مذهولة: "كنت أعتقد أن الصوت مطر، ثم سقطت القنبلة. جاء الناس وأخذوني إلى المستشفى، لكن حتى هناك جاءت الطائرة وقصفتنا وقتلت الناس من حولي." كلماتها تلخص عبثية الحرب وقسوة مشاهدها على أطفال لم يعرفوا من الحياة سوى الركض نحو مأوى موقت لا ينجو من القصف.
مشافي منظمة "أطباء بلا حدود" أصبحت الملاذ الوحيد لعشرات المصابين
وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن مشافي منظمة "أطباء بلا حدود" أصبحت الملاذ الوحيد لعشرات المصابين الذين يصلون من الحدود السودانية التشادية، وسط أزمة طبية خانقة ونقص حاد في المعدات والكوادر، حيث يضطر الأطباء إلى إجراء عمليات أولية وسط ظروف قاسية لإنقاذ الأرواح.
وقال أحد مسؤولي المنظمة: "في بعض الأيام نستقبل أكثر من 100 مصاب، نصفهم من الأطفال، كثير منهم بجروح مفتوحة أو كسور خطيرة."
العمليات تستهدف "عناصر إرهابية
ورغم الاتهامات المتكررة للجيش السوداني بارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين في دارفور، نفت السلطات ذلك، معتبرة أن كل العمليات تستهدف "عناصر إرهابية"، بحسب تعبيرها، وهو ما تنفيه تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية تؤكد أن القصف بات عشوائيًا ويستهدف المدنيين بشكل مباشر.
الأتهام بالتعاون مع مليشيات الدعم السريع
ولم تقتصر المأساة على دارفور، ففي العاصمة الخرطوم تتواصل انتهاكات حقوق الإنسان، حيث تتحدث تقارير ميدانية عن عمليات تصفية وتعذيب واعتقالات بحق مدنيين اتُهموا زورًا بالتعاون مع "قوات الدعم السريع"، في ظل غياب أي محاكمات أو رقابة قانونية.
تحقيقات تعسفية وصلت إلى الحرمان من الطعام والعلاج
وتقول مصادر من غرفة طوارئ جنوب الخرطوم إن الجيش، بعد استعادته عدة أحياء، مارس العنف ضد المواطنين، وفرض عليهم تحقيقات تعسفية وصلت إلى الحرمان من الطعام والعلاج، وسط استغلال لمواطنين كـ"مخبرين"، ما تسبب بإيذاء عشرات الأبرياء.
المواطنين السودانيين أصبحوا أهدافًا مباشرة لحرب لا تفرّق بين مسلح وطفل
وبينما يستمر النزاع المسلح منذ أبريل 2023، يبدو أن الكارثة الإنسانية في السودان تسير نحو مزيد من التعقيد، حيث السماء تمطر موتًا، والأرض تزدحم بالجثث، والمخيمات تمتلئ بمن نزفوا ولم يُسعفوا.
المدنيون في السودان لم يعودوا ضحايا فقط، بل أصبحوا أهدافًا مباشرة لحرب لا تفرّق بين مسلح وطفل، بين مستشفى وسوق، فيما يبقى العالم يراقب بصمت مأساة يُخشى أن تتحول إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن.