الحرب التجارية بين ترامب وكندا والصين تهدد مبيعات الذرة الأمريكية بملايين الأطنان

تواجه صادرات الذرة الأمريكية خطرًا كبيرًا مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة، والصين، وكندا، والمكسيك، بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تفعيل التعريفات الجمركية الجديدة. وبحسب تقرير نشرته بلومبرغ، فإن التجار يترقبون الآن إلغاء عقود تصدير المحاصيل، مما قد يعرض 8 ملايين طن من مبيعات الذرة الأمريكية للخطر.
المخاوف من إلغاء عقود المحاصيل الأمريكية
تعتمد المخاوف على ما يُعرف بـ مبيعات الحبوب المعلقة، وهي صادرات لم يتم شحنها بعد رغم حجزها من قبل المستوردين. ومع فرض رسوم جمركية جديدة على السلع الأمريكية، قد تتراجع الأسواق المستوردة، مثل المكسيك والصين وكندا، عن التزاماتها، خصوصًا إذا ارتفعت تكلفة الشحنات أو زادت حالة عدم اليقين التجاري.
وقد قامت الصين وكندا بالفعل باتخاذ تدابير مضادة تشمل رسومًا جمركية على المنتجات الزراعية الأمريكية، في حين تستعد المكسيك لإعلان إجراءات مماثلة خلال الأيام القادمة، وفقًا لما أفاد به مسؤولون اقتصاديون.
المكسيك.. أكبر مستورد للذرة الأمريكية في دائرة الخطر
تُعد المكسيك أكبر مستورد للذرة الأمريكية، حيث بلغت قيمة مشترياتها العام الماضي 5.6 مليار دولار. وتمتاز هذه التجارة بميزة التكلفة المنخفضة نظرًا للحدود المشتركة بين البلدين، لكن الرسوم الجمركية الانتقامية قد تؤدي إلى تغيير هذه المعادلة.
ووفقًا لأحدث بيانات وزارة الزراعة الأمريكية، فقد التزمت المكسيك حتى الآن بشراء 17.6 مليون طن من الذرة الأمريكية هذا الموسم، وهو رقم قياسي، لكنه لا يزال أقل بنسبة 30% من توقعات الوزارة لحجم الواردات المكسيكية لهذا العام. مما يعني أن المكسيك قد تضطر للبحث عن بدائل أخرى مثل البرازيل، التي لجأت إليها في الماضي.
وفي هذا السياق، قال بات بوفا، مدير مجموعة الأعمال الزراعية الدولية:
"الخطر الحقيقي هو أن تقوم المكسيك بإلغاء عقود الذرة الأمريكية أو فرض رسوم جمركية انتقامية عليها، مما سيؤثر على قدرة الولايات المتحدة على المنافسة في الأسواق العالمية".
أسواق أخرى في خطر.. فول الصويا والقمح والقطن
الأزمة لم تقتصر على الذرة فقط، إذ لم يتم شحن 4 ملايين طن أخرى من فول الصويا، والقمح، والذرة الرفيعة إلى الصين وكندا والمكسيك حتى 20 فبراير/شباط.
وفيما يتعلق بفول الصويا، قال مات كامبل، مستشار إدارة المخاطر في شركة StoneX للسمسرة في العقود الآجلة والخيارات، إن العقود الصينية "قد تكون على المحك" بسبب التوترات التجارية، رغم عدم وجود كميات كبيرة من المبيعات غير المشحونة حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، قال أرلان سوديرمان، كبير خبراء اقتصاد السلع في StoneX، إن الصين قد تلجأ إلى إلغاء بعض شحنات فول الصويا بهدف ممارسة ضغط اقتصادي على واشنطن.
أما سوق القطن الأمريكي، فيواجه هو الآخر تحديات جديدة بعد أن أعلنت الصين فرض رسوم انتقامية. وتراجعت العقود الآجلة للقطن في نيويورك إلى أدنى مستوى لها منذ أغسطس/آب 2020، وسط توقعات بأن تلغي المكسيك بعض واردات القطن الأمريكي.
التداعيات الاقتصادية على المزارعين الأمريكيين
استمرار التوترات التجارية حتى موسم الحصاد القادم قد يسبب اضطرابات كبيرة في الصادرات الأمريكية، مما قد يؤثر بشكل مباشر على المزارعين الأمريكيين، الذين يعتمدون بشكل أساسي على الأسواق الخارجية لتصريف محاصيلهم.
ويقول الخبراء إن أي قيود جديدة أو تعريفات إضافية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي تقليل القدرة التنافسية للمنتجات الأمريكية، مما يفتح المجال أمام دول مثل البرازيل، والأرجنتين، وكندا للاستحواذ على حصة أكبر في السوق العالمية.
قطاع الزراعة الأمريكي على وشك مواجهة أزمة جديدة
في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، يبدو أن قطاع الزراعة الأمريكي على وشك مواجهة أزمة جديدة، قد تؤثر على مبيعات الذرة، وفول الصويا، والقمح، والقطن في الأسواق العالمية. ويظل السؤال المطروح هو إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه النزاعات على مستقبل الزراعة الأمريكية، وما إذا كان بإمكان المزارعين والشركات الأمريكية الصمود أمام هذه التحديات.