أدعوا لها بالرحمة
العثور علي جثمانها : شريهان عثمان.. أمٌ بطلة ضحت بحياتها لتنقذ طفلتيها في حادث ديروط
في مشهد مأساوي يختزل معاني التضحية والفداء، عثرت فرق الإنقاذ النهري بعد عشرة أيام من البحث المضني على جثمان شريهان عثمان، التي أصبحت رمزًا للأمومة البطولية. شريهان، الأم الشجاعة، واجهت الموت بيدين ممدودتين لإنقاذ صغيرتيها، بعدما أدركت أن المركبة التي تستقلها ستغرق في ترعة الإبراهيمية.
اختارت شريهان حياة طفلتيها على حياتها
كان الحادث قد وقع عندما انزلقت السيارة رقم "6252 ي. ص. ج" وسقطت في الترعة أثناء محاولة السائق الخروج من موقف السيارات، وسط ذهول الركاب. في لحظة من الرعب الممزوج بالشجاعة، اختارت شريهان حياة طفلتيها على حياتها. فتحت نافذة الميكروباص ودون تردد، ألقت بطفلتيها خارج السيارة لتمنحهما فرصة للنجاة، بينما بقيت هي عالقةً داخل المركبة التي سرعان ما اختفت تحت مياه الترعة.
اسرة شريهان ونداء الأم الملكومة "اطلعي لولادك يا بنتي... يا رب طلعها."
على مدى عشرة أيام، ظلت الأسرة المكلومة تعيش بين الخوف والأمل، تتابع جهود فرق الإنقاذ النهري التي لم تدخر جهدًا في البحث عن جثمان شريهان. وعلى حافة الترعة، كانت الأم المكلومة تجلس يوميًا تراقب أعمال البحث بعينين غارقتين في الدموع. بصوت مبحوح يخنقه الألم، نادت السماء: "اطلعي لولادك يا بنتي... يا رب طلعها." كان الأمل ينبض رغم قسوة المشهد.
وعندما جاء نبأ العثور على الجثمان، خيم الحزن على العائلة التي استقبلت الخبر بالدموع والآهات، وبدأت الاستعدادات لدفنها في مقابر الأسرة، وسط أجواء يملؤها الأسى والدعاء للراحلة.
حادث بشع وعدة قصص مؤلمة
وقع الحادث في مركز ديروط بمحافظة أسيوط، حيث سقط الميكروباص المزدحم بالركاب في ترعة الإبراهيمية نتيجة انزلاقه بشكل مفاجئ. فور تلقي البلاغ، انتقلت القيادات الأمنية بقيادة اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، إلى موقع الحادث، مدعومين بفرق الإسعاف والإنقاذ النهري التي بدأت في إنقاذ الناجين وانتشال الجثامين.
وبالتزامن مع جهود البحث، أعلن اللواء هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، صرف تعويضات مالية عاجلة لأسر الضحايا، مؤكدًا على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المتضررة وتسهيل كافة إجراءات الدفن.
شريهان.. قصة طلة تجسد أسمى معاني الأمومة والتضحية
شريهان عثمان لم تكن مجرد ضحية حادث مأساوي، بل هي بطلة تجسد أسمى معاني الأمومة والتضحية. ففي لحظة فارقة بين الحياة والموت، وضعت حياة طفلتيها فوق كل اعتبار، مقدمةً حياتها ثمنًا لحمايتهما. قصة شريهان ستظل تُروى كملحمة أمٍ اختارت أن تعيش صغيرتاها حتى لو غابت هي.