وزير الداخلية السوري الأسبق محمد إبراهيم الشعار يسلم نفسه للسلطات الجديدة بعد نجاته من تفجير ”خلية الأزمة”
في تطور لافت للمشهد السياسي السوري، سلم وزير الداخلية السوري الأسبق محمد إبراهيم الشعار نفسه للسلطات السورية الجديدة، في خطوة تعكس التحولات التي تشهدها البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد. وظهر الشعار في مقطع فيديو وهو يستقل سيارة برفقة عدد من الأشخاص الذين أكدوا تسليمه مع الحفاظ على كرامته، وسط تأكيدات بأن التسليم تم وفقًا للقانون والضوابط المتفق عليها.
لحظة التسليم وتصريحات المرافقين
ظهر الشعار في مقطع الفيديو وهو برفقة ممثلي السلطات الجديدة، حيث قال أحدهم:
"استلمنا اليوم الثلاثاء اللواء محمد إبراهيم الشعار من قبل فرج الحمود ومنيف الزعيم القداح، وذلك وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة، مع التأكيد على الحفاظ على كرامة الرجل."
وأضاف المسؤول أن الهدف من تصوير الفيديو هو ضمان شفافية العملية وسيرها وفقًا للقانون. كما أشار إلى أن أبواب السلطات مفتوحة لكل من يرغب في تسليم نفسه طواعية.
الشعار.. نجا من تفجير خلية الأزمة وواجه اتهامات عديدة
يُعد محمد إبراهيم الشعار من أبرز الشخصيات الأمنية السورية التي أثارت الجدل خلال فترة عمله في الحكومة السورية. ولد الشعار عام 1950، وتقلد عدة مناصب أمنية وعسكرية قبل تعيينه وزيرًا للداخلية في 2011، في خضم الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضد نظام بشار الأسد.
خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية، واجه الشعار اتهامات بالتورط في قمع الاحتجاجات الشعبية، حيث أشرفت وزارة الداخلية على حملات الاعتقال الواسعة، ومواجهة التظاهرات بالقوة، ما أدى إلى تصاعد العنف في البلاد.
كما كان الشعار أحد الناجين من تفجير خلية الأزمة الذي وقع في 18 يوليو/تموز 2012 في مقر الأمن الوطني بدمشق، والذي استهدف اجتماعًا لكبار القادة الأمنيين السوريين. وأسفر الهجوم عن مقتل وزير الدفاع آنذاك داوود راجحة، ونائبه آصف شوكت (صهر بشار الأسد)، بالإضافة إلى رئيس خلية الأزمة العماد حسن توركماني، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار.
وعقب التفجير، ترددت أنباء عن إصابة الشعار بجروح خطيرة، إلا أنه ظهر لاحقًا في عدة مناسبات، مؤكدًا أنه بخير، قبل أن يغادر إلى لبنان للعلاج لفترة وجيزة، ثم يعود إلى ممارسة مهامه حتى إقالته من منصبه عام 2018، بعد إعادة هيكلة الحكومة السورية.
التحولات السياسية وقرار التسليم
يأتي تسليم محمد إبراهيم الشعار بعد التغييرات التي طرأت على المشهد السياسي في سوريا، حيث شهدت البلاد مؤخرًا سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من الحرب الدامية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من السوريين، ونزوح الملايين إلى خارج البلاد.
ويرى مراقبون أن قرار الشعار بتسليم نفسه يعكس رغبة بعض الشخصيات الأمنية السابقة في محاولة تسوية أوضاعهم القانونية مع السلطات الجديدة، خاصةً بعد إصدار أوامر اعتقال بحق العديد من مسؤولي النظام السابقين.
كما يشير آخرون إلى أن الشعار، الذي كان جزءًا من المنظومة الأمنية القمعية، قد يكون لديه معلومات حساسة قد يستخدمها في إطار مساومات سياسية أو قانونية، خصوصًا أن شخصيات بارزة من نظام الأسد بدأت مؤخرًا في اتخاذ خطوات مماثلة لتجنب الملاحقة الجنائية.
الملف الأمني ومآلات المستقبل
في ظل التغيرات الجذرية التي تشهدها سوريا، يتساءل العديد من المراقبين عن مصير الشخصيات الأمنية البارزة في النظام السابق، وما إذا كانت ستخضع لمحاكمات عادلة تكشف عن الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب السوري.
ويرى بعض المحللين أن السلطات السورية الجديدة قد تتجه إلى محاكمات عادلة وشفافة، تهدف إلى تحقيق العدالة الانتقالية، ومعاقبة المتورطين في الجرائم، دون اللجوء إلى الانتقام أو التصفيات السياسية.
تسليم الشعار خطوة تحمل أبعادًا متعددة
يشكل تسليم محمد إبراهيم الشعار نفسه نقطة تحول في التعامل مع رموز النظام السابق، ويثير العديد من التساؤلات حول مستقبل القيادات الأمنية والعسكرية الأخرى، ومدى استعدادها للامتثال للقانون أو مواجهة المحاكمات.
تعقيد الأوضاع في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
كما يعكس المشهد مدى تعقيد الأوضاع في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث يتعين على السلطات الجديدة التعامل بحذر مع إرث الماضي، والعمل على بناء دولة قانون تحفظ حقوق جميع السوريين، وتحقق العدالة لمن عانوا من ويلات الحرب والقمع على مدار أكثر من عقد من الزمن.