حكاية طفل تائه بين الحدود.. يبحث عن أشقائه بعد أن شاهد والدته تُقتل ووالده يُسجن

والسبب تعقيدات ملف الهجرة بين المكسيك والولايات المتحدة.قصة إنسانية مؤلمة تفيض بالمأساة والأمل
مع تصاعد التوترات على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، يبرز اسم الطفل المكسيكي رافائيل ليفا، أو "رافا" كما تناديه شقيقته، كرمز لقصة تمزج بين العنف الأسري، وفقدان العائلة، والبيروقراطية التي تقف عائقًا أمام لمّ الشمل العائلي.
رافا، الذي لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، يعيش اليوم وحيدًا في دار أيتام مكسيكية، بعدما قُتلت والدته طعنًا على يد والده أمام أعينه، في حادث مأساوي تركه محطمًا نفسياً، وجسديًا، وممزقًا عن شقيقيه اللذين نُقلا إلى الولايات المتحدة بفضل حق المواطنة الذي اكتسباه بالولادة هناك.
الجريمة التي غيّرت كل شيء
في صباح 28 سبتمبر 2022، وبينما كان الأطفال الثلاثة يعيشون في ولاية ميتشواكان المكسيكية، تحولت مشاجرة بين والديهم إلى جريمة قتل مروعة، إذ قام الأب بطعن الأم في عنقها أمام الأطفال الثلاثة. لفظت الأم أنفاسها الأخيرة وهي تحتضن رافا، بينما فر إخوته الأكبر سنًا لطلب المساعدة.
لاحقًا، حُكم على الأب بالسجن لمدة 23 عامًا، وبدأت معاناة رافا الحقيقية، حيث انفصل عن أشقائه، ونُقل إلى دار أيتام في باها كاليفورنيا، في حين نُقل إخوته "إيدي" و"ميلاني" للعيش مع عمهما جيسوس ليفا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
طفل خلف الجدران.. ينتظر شقيقته وشقيقه
يقول رافا بحزن عبر مترجم:
"لم أختر الانفصال عنهما.. عشنا معًا طوال حياتنا، وهما الآن يستطيعان عبور الحدود.. أما أنا فلا."
الطفل الصغير، الذي شهد واحدة من أبشع المشاهد الإنسانية، يعاني من اضطرابات نفسية حادة، منها التوتر، والأرق، وفقدان النطق لفترات طويلة، فضلًا عن أعراض جسدية مثل الحساسية وصعوبة التنفس، ما جعله بحاجة ماسة لرعاية أسرية ونفسية متخصصة.
العقبة الكبرى: الهجرة والبيروقراطية
على الرغم من وضع رافا المأساوي، تصطدم مساعي لمّ شمله بأشقائه بعقبة قانونية كبيرة، وهي أنه لم يُولد داخل الولايات المتحدة، مما يجعله غير مؤهل تلقائيًا للإقامة فيها.
عمه جيسوس ليفا تقدم بطلب "الإفراج المشروط لأسباب إنسانية" لدى وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في أبريل 2023، في محاولة للسماح لرافا بالدخول مؤقتًا إلى أمريكا، بانتظار تقديم طلب إقامة دائمة عبر برنامج خاص للمهاجرين القصّر الذين تعرضوا للإهمال أو العنف الأسري.
رأي الخبراء الطبيين: رافا بحاجة لعائلته
في تقييم نفسي أعدته طبيبة معالجته في دار الأيتام، تم التأكيد أن لمّ شمل رافا مع عائلته في كاليفورنيا سيساهم في تعافيه نفسيًا، وأن الطفل يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة الحاد، وأن دار الأيتام غير قادرة على تلبية احتياجاته العاطفية والنفسية بشكل كامل.
الاتصال الوحيد.. مكالمات فيديو
بينما ينتظر رافا الرد على طلب الإفراج المشروط، يواصل التواصل مع شقيقته وشقيقه من خلال مكالمات فيديو، متشبثًا بالأمل في أن يجمعهم بيت واحد مجددًا، ويعوضه عن مشهد دموي لن يُمحى من ذاكرته.
"أريد فقط أن أكون معهم.. هذا كل ما أريده"، قال رافا للصحيفة الأمريكية.