نزوح جماعي من شرق غزة بعد إنذارات إسرائيلية بـ«قصف عنيف».. وأصوات الحرب تسبق الملاجئ

بدأ الآلاف من سكان المناطق الشرقية لمدينة غزة صباح اليوم الجمعة، النزوح القسري من بيوتهم، بعد إنذار عسكري صارم وجهه الجيش الإسرائيلي، توعد فيه بقصف عنيف لأحيائهم، ما خلق حالة من الذعر والرعب في صفوف المدنيين، الذين بدأوا يتوجهون سيرًا على الأقدام نحو مناطق أكثر أمنًا، بحسب ما توصف رسميًا بـ"المآوي المعروفة".
إنذارات الجيش الإسرائيلي.. والرعب يسبق القصف
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفخاي أدرعي، نشر بيانين منذ ساعات الصباح الأولى، دعا فيهما السكان المدنيين إلى إخلاء المناطق الشرقية من القطاع، شمل ذلك سكان مناطق خربة خزاعة وعبسان الكبيرة والجديدة، مطالبًا إياهم بالتوجه نحو مناطق في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
وكان سبق ذلك بيان آخر دعا فيه سكان أحياء الشجاعية والتركمان والزيتون الشرقي، إلى إخلاء منازلهم فورًا والتوجه غربًا، بزعم أن الجيش يخطط لشن هجوم واسع النطاق "للقضاء على قدرات المنظمات الإرهابية" – على حد تعبير البيان – في تلك المناطق.
مشاهد النزوح.. أطفال يركضون، نساء يصرخن، وبيوت تُترك بلا وداع
مقاطع فيديو مؤلمة تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت لحظات النزوح، حيث حمل المواطنون القليل مما تمكنوا من جمعه من ممتلكاتهم، وتركوا منازلهم وسط بكاء الأطفال وصرخات النساء، في مشهد يلخص الوجه الإنساني المأساوي لحرب لا ترحم.
شهود عيان أكدوا أن التحركات الميدانية في محيط غزة تتزايد، وسط تحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية بدون طيار، وسماع أصوات انفجارات متفرقة في محيط المناطق التي صدرت بشأنها أوامر الإخلاء.
الأرقام المفجعة.. 50 ألف قتيل و115 ألف مصاب منذ بدء الحرب
منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، بلغت حصيلة القتلى في قطاع غزة 50,886 شهيدًا، فيما بلغ عدد المصابين نحو 115,875 جريحًا، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، وهي أرقام تعكس الكارثة الإنسانية المتواصلة في القطاع المحاصر.
دعوات أممية لوقف النار.. والاحتلال يواصل تصعيده
في المقابل، تواصل المنظمات الدولية والإنسانية الدعوات العاجلة لوقف فوري لإطلاق النار، وتطالب بـ"الإفراج عن جميع الأسرى والمحتجزين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون عوائق"، في وقت تشهد فيه غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث.
لكن رغم الدعوات المتكررة من الأمم المتحدة والهلال الأحمر والصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان، لا تزال القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها العسكرية، غير آبهة بنداءات وقف التصعيد أو حماية المدنيين.
منازل تتحول إلى أطلال.. وأمل الفلسطينيين يصمد في قلوبهم
ورغم القصف، والنزوح، والألم، فإن صمود الفلسطينيين لا يزال حاضرًا في وجوه من اضطروا لترك بيوتهم، حيث قال أحد السكان الذين نزحوا من حي الزيتون:
"أخذنا أولادنا وهربنا... ما قدرنا نحمل حاجة، بس بدنا نعيش، ونرجع إن شاء الله".
في غزة، حيث لا ملجأ من الحرب سوى في حضن الله، يبقى المدنيون وحدهم يدفعون ثمن نزاعات لا تصغي لصراخ الأطفال، ولا تهاب دموع الأمهات. وبين صواريخ التحذير ورسائل الإخلاء، تُكتب صفحة جديدة من معاناة شعب لا يعرف الهزيمة.. حتى وهو نازح.