عيد فؤاد يكتب :”مرزوق..بركوتة..خوليو.. شخلل علشان تعدي !!”
قضية شائكة متجددة لا تزال تؤرق الكثيرين، وخاصة اللاعبين والمدربين في الملاعب المصرية، حيث برزت على السطح بقوة منذ قرابة الثلاثة عقود، ظاهرة قيام بعض الجماهير بالهتاف "وتسييط" بعض النجوم على حساب الآخرين، مقابل الحصول على الأموال ومن لا يستجب لطلباتهم يتم مهاجمته في المباريات . !!
هذه الظاهرة التي استفحلت وغزت جميع الملاعب المصرية بقوة وشوهتها وانعكست سلبيا على نتائج منتخباتنا الوطنية في المراحل السنية المختلفة في مختلف الألعاب بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، تطرقت إليها من خلال برنامج "الحريف" في سهرة أمس الأول الثلاثاء عبر أثير إذاعة شبكة الشباب والرياضة بصحبة الزميل الإذاعي الكبير هشام فهمي مقدم البرنامج، وقد اكتشفت أن وراء تفشي هذه الظاهرة ربما تكون الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلدنا الحبيب "مصر" في الوقت الراهن، وهي مرحلة مؤقتة لن تدوم طويلا، رغم انعكاس آثارها على حياة المواطنين، وهو ما ترتب عليها انعدام الانتماء لدى بعض المشجعين الذين يرتادون مدرجات الملاعب فلجأوا إلى هذه الطريقة السهلة والبسيطة لتحسين دخلهم، ولكنها من وجهة نظري مثل الإتاوة، فهي غير مشروعة، لأنه ليس من المنطقي أن من يدفع يحصل على المؤازرة المطلوبة ومن لا يدفع عليه تحمل عواقب قراره .!!
الأساس في التشجيع للأندية أو المنتخبات أو اللاعبين أو المدربين أن تكون بدون مقابل، بينما من يدفع للبعض عن طيب خاطر سواء هتفوا لفلان أو عِلان فهذا وشأنه ولكن بالضغوط والتهديد والوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور فهو أمر مرفوض تماما .
هذه الظاهرة السلبية ذكرتني بأحد المشاهد الرائعة من فيلم "سلام يا صاحبي"، للمخرج الكبير نادر جلال والذي كان مضمونه أن الفنانين الكبيرين، عادل إمام "مرزوق"، وصديقه الراحل سعيد صالح "بركات"، ومعهما محمد متولي "خوليو" كانوا يمرون بسيارة محملة بالبطيخ لصاحبتها الفنانة سوسن بدر "فاطمة" التي كانت ترافقهم في الرحلة من أحد الطرق "الوعرة" التي يقف فيها بعض قطّاع الطرق بزعامة الفنان محمد أبو حشيش "سمسار الطريق"، حيث فاجأهم الاخير ورجاله بوضع شجرة أمام السيارة على الطريق وعدم السماح لهم بالمرور إلا بعد دفع "المعلوم" فاستجاب لهم الصديقين "مرزوق وبركوتة" ودفعا لـ"زعيم الطريق" الإتاوة المطلوبة في أول مرة، ثم ذهبا إلى السوق لتفريغ حمولة السيارة من البطيخ وبيعها لكنهما اصطدما بالفنان الراحل مصطفى متولي "المعلم بلائسي" الذي يبيع بثمن غالٍ، إلا أنهم لم يبالوا بمضايقات "البلائسي " لهم وأصروا على بيع البطيخة الواحدة بـ" 2.5" جنيه فقط، أي بنصف الثمن الذي يبيع به المعلم، وخلال مدة زمنية قصيرة كانت الحمولة قد تم بيعها بالكامل وسط غضب "وشياط التاجر الكبير، ولكنهم نفذوا ما أرادوا في حماية رجال الشرطة الذي استنجد بهم مرزوق و"بركوتة"، خوفا من اعتداء رجال "البلائسي" عليهم .
ربطي بين الظاهرة والمشهد التمثيلي هنا أعني به أن التهديد أو استخدام القوة لن يستمر طويلا، وأن البقاء دائما للانتماء والذي يعد أعظم شيء، مع ضرورة البحث عن علاج لهذه الظاهرة وإن كنت أراه من وجهة نظري يتمثل في ضرورة منع من يتمسك بالحصول على مقابل التشجيع ماديا بحرمانه من دخول الملاعب نهائيا، سواء في مباريات الأندية أو المنتخبات ويكون ذلك من خلال الأندية نفسها أو الاتحادات الرياضية المختلفة، حينها سيعود الانتماء الحقيقي ويرتاد مدرجات الملاعب من يأتون إليها من أجل المؤازرة الحقيقية والاستمتاع فقط وليس من أجل المادة، مع اعترافي بأن حصول بعض هؤلاء المشجعين على مقابل مادي ربما يحدث نتيجة ضغوط الحياة وصعوبتها، في ظل وجود دخل مادي ضعيف لهم لا يفي باحتياجات أٌسرهم، رغم أن هذا من وجهة نظري لا يعد مبررا لمهاجمة من لا يدفعون "المعلوم" سواء كانوا لاعبين أو مدربين أو حتى مسؤولين بالأندية أو الاتحادات الرياضية .
وإذا كان هذا الوضع يبدو سيئا باستفحال هذه الظاهرة الغريبة، إلا ما هو أسوأ من ذلك هو تعمد الكثير من الجماهير التخلي عن مساندة المنتخبات الوطنية، حيث نرى المدرجات شبه فارغة من الجماهير في مباريات المنتخبات الوطنية، حيث يحدث ذلك نكاية في المدرب "الفٌلاني أو المدرب العِلاني"، احتجاجا على عدم ضمه نجمها المفضل، وهو أمر بالغ الخطورة، وخاصة أن كافة المسابقات التي تقيمها الاتحادات الرياضية تقام لخدمة المنتخبات الوطنية، واللاعبون بحاجة إلى المؤازرة حتى يخرجوا أفضل ما لديهم على أرض الملعب، لذلك أناشد الجماهير المصرية العظيمة على اختلاف انتماءاتها أن تتخلى عن الألوان وتضع مصلحة مصر فوق أي اعتبار وتترك للأجهزة الفنية المختلفة حرية اختيار قوائمها من اللاعبين للمنتخبات، لأنهم هم من سيحاسبون بعد ذلك على اختياراتهم أمام الرأي العام ..ثم أمام من أتوا بهم إلى مواقعهم، اللهم هل بلغت ..اللهم فاشهد .