مصر وفلسطين والسودان في مقدمة الدول العربية في الأنجاب
تعتبر معدلات الخصوبة من المؤشرات الديموغرافية المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي، إذ تلعب دوراً مزدوجاً في التأثير على النمو والتنمية، وفقاً لقدرة الدول على استثمار الطاقات البشرية وتحقيق التوازن بين متطلبات الموارد المتاحة والسكان. هذه المعدلات يمكن أن تشكل ميزة اقتصادية في بعض الدول، خاصةً تلك النامية التي تحتاج إلى قوى شبابية لتحقيق النمو، بينما قد تمثل عبئاً في دول أخرى تعاني من شيخوخة السكان وتقلص القوى العاملة.
التزايد السكاني يمكن أن يحفّز النمو الاقتصادي في حال استطاعت الدولة توفير فرص العمل اللازمة والتوجيه نحو قطاعات حيوية
المعروف في البلدان النامية، غالباً ما يكون ارتفاع معدلات الخصوبة عاملاً مساعداً في توفير أعداد كبيرة من الشباب، مما يساهم في زيادة القوى العاملة مستقبلاً. هذا التزايد السكاني يمكن أن يحفّز النمو الاقتصادي في حال استطاعت الدولة توفير فرص العمل اللازمة والتوجيه نحو قطاعات حيوية تحتاج إلى الأيدي العاملة. كما أن التركيبة السكانية الشابة تشجع على الابتكار وتوسيع النشاطات الاقتصادية، مما يزيد من فرص التنوع الاقتصادي وريادة الأعمال.
الدول المتقدمة التي تعاني من انخفاض معدلات الخصوبة، كما في اليابان وألمانيا، تحديات اقتصادية نتيجة شيخوخة السكان وتقلص القوى العاملة
على النقيض، تواجه الدول المتقدمة التي تعاني من انخفاض معدلات الخصوبة، كما في اليابان وألمانيا، تحديات اقتصادية نتيجة شيخوخة السكان وتقلص القوى العاملة. هذا الانخفاض يتسبب في رفع تكاليف الرعاية الصحية، والتقاعد، وكلفة العمالة، مما يهدد قدرة الاقتصاد على استدامة معدلات نمو كافية. فقد بلغ معدل الخصوبة في اليابان نحو 1.4 طفل لكل سيدة، وفي ألمانيا 1.58 طفل، وهو ما يجعل هذه الدول تتعرض لضغوط اقتصادية متزايدة للحفاظ على التوازن بين تكاليف الرعاية ونقص العمالة الشابة.
الصين تتراجع عن خطهها في أنجاب طفل واحد الي ثلاثة أطفال
لعل من أبرز التجارب في الحد من الإنجاب تأتي تجربة الصين، التي اعتمدت سياسة الطفل الواحد في عام 1979، وفرضت عقوبات على الأسر التي تجاوزت هذا الحد بهدف التحكم في النمو السكاني. ورغم أن هذه السياسة أسهمت في بناء قاعدة سكانية ضخمة دعمت الاقتصاد الصيني السريع النمو، إلا أنها خلّفت مشاكل في التوازن الديموغرافي، مما دفع الحكومة الصينية في عام 2016 إلى السماح بإنجاب ثلاثة أطفال لكل أسرة. ورغم هذا القرار، لم تحقق الصين قفزة ملحوظة في معدلات الإنجاب التي تبلغ حالياً نحو 1.55 طفل لكل سيدة، مما يبقي الاقتصاد الصيني أمام تحديات شيخوخة السكان.
معدل الخصوبة في مصر بلغ ا 2.65 طفل لكل سيدة
في العالم العربي، تتفاوت معدلات الخصوبة بين الدول، حيث تُعد السودان الأعلى عربياً بمعدل إنجاب يصل إلى 4.47 طفل لكل سيدة، تليها فلسطين بمعدل 3.49 طفل في الضفة الغربية و3.26 طفل في غزة. أما مصر، التي تُعد أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان بنحو 107 مليون نسمة، فقد بلغ معدل الخصوبة فيها 2.65 طفل لكل سيدة، لتحتل المركز الـ63 عالمياً. هذا التفاوت يعكس قدرة الدول على استيعاب النمو السكاني وتحقيق التنمية بما يتناسب مع متطلباتها الاقتصادية.
قدرة الدولة على توجيه الطاقات الشابة نحو الإنتاجية المستدامة
يتحدد تأثير معدلات الخصوبة على الاقتصاد بمدى قدرة الدولة على توجيه الطاقات الشابة نحو الإنتاجية المستدامة وتوفير التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل. ففي ظل الاستغلال الأمثل، يمكن أن يكون ارتفاع عدد السكان دافعاً للنمو، بينما يؤدي انخفاض معدلات الخصوبة دون دعم الفئات الشابة إلى تراجع معدلات الابتكار والمرونة الاقتصادية.